حربنا التي يهربون منها:

حربنا التي يهربون منها

من كان يجتهد في القول باننا لسنا معنيين بالحرب على الارهاب فربما يحتاج الان الى ان يعيد الحساب اذ اننا في عين العاصفة ومن يريد ان يغطي السماء بيديه فهذا شأنه، اما ان نحاول ان نوهم الرأي العام باننا لسنا مضطرين الى مكافحة الارهاب وملاحقته فهذا التصور يفتقر الى المنطق فضلا عن كونه يحيد الرأي العام ويكبحه عن اسناد جهد الدولة في حماية المواطنين .

لن ندخل في سباق لتحليل الجهات او الجهة التي نفذت تفجير العدسية فهذه مهمة من نثق بقدراتهم لكن لا مناص من تبيان الحقائق التالية في معرض الحديث عن الحدث: - من خطط ونفذ هذا العمل الارهابي يريد احراج الاردن سياسيا وأمنيا في اعقاب تفجير خوست وصاحب المصلحة هذا هو واحد من اثنين: اسرائيل اوالقاعدة ولكل اسبابه.

- اتهامات اسرائيل المبطنة بان ثمة اختراق امني سهل العملية تؤكد ان اسرائيل بصدد استثمار العملية الى اقصى نطاق ممكن لتروج بأنها الطرف الاقدر اقليميا على مكافحة الارهاب في حين انها في الواقع الطرف الاقدر على تغذية الارهاب.

- المبالغة في قراءة تداعيات الحادثة الى درجة التحدث عن مراجعات سياسية واستدعاء مفردات من نوع اسلام مستنير وآخر مغلق تنبئ عن هشاشة في التحليل وردة في التفكير في حين ان المشهد في بعده الاول أمني وفي بعده الثاني سياسي وبالتالي فان اصحاب الاختصاص يعرفون عملهم على المستوى الفني اما على المستوى السياسي فان الموقف يستدعي تفويت الفرصة على من يريد استثمار الحادث في حين ان المبالغة تخدم الطرف الذي يريد استثمار الحدث لاضعاف الاردن.

- القول بأن الاردن لا ينبغي ان يكون معنيا بالحرب على الارهاب قول فيه خطأ في التحليل ومن يتحدث عن «قصة الدب والكرم» لا يعرف ان الدب يمكن ان يكون في غرف النوم وان الكرم فسيح بحيث يمكن اعتبار مساحته تغطي الكرة الارضية.

الارهاب عدو الانسانية ومن يتنصل من مسؤولية اسناد الحرب على هذه الآفة يقع في خطأ سياسي ومعرفي عميق، وبالتالي لا بد من التوقف عن ممارسة «طقوس الحكمة المفتعلة» واسداء النصح الساذج وبدلا من ذلك لا بد من اعلان موقف واضح من كل اشكال الارهاب وتمظهراته سواء الفكرية المضمرة او تلك العلنية السافرة ومن لم يغادر نظريا مربع السلفية اويتخلص من رواسب السلفية الجهادية فهذ فرصته لانتاج وعي مفارق اما ان ندعي الحياد في حرب الدولة والمجتمع ضد الارهاب فهذا ما لا يمكن تفهم دوافعه.

سامي الزبيدي