Hamza_artist
الحوار وأثره فى التربية 13401713


انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Hamza_artist
الحوار وأثره فى التربية 13401713
Hamza_artist
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحوار وأثره فى التربية

اذهب الى الأسفل

الحوار وأثره فى التربية Empty الحوار وأثره فى التربية

مُساهمة من طرف bertelin الأحد 9 مايو 2010 - 6:19

الحوار وأثره فى التربية 1

المقدمة

لأن الحوار أسلوب حضاري .. وضرورة إنسانية لا يتم العمران والتواصل بغير حوار تتوافر فيه شروط نجاحه. الحوار على كافة المستويات وبين جميع الأطراف الفاعلة وسيلة حضارية للالتقاء على كلمة سواء. فلا يصطدم طرف بآخر .. ولا تهدر الجهود هباء لأنها سارت في المسار غير الصحيح.
من يحدد موضوع الحوار؟
في كل علاقة بين طرفين ينبغي أن يسعى كلا الطرفين للآخر قبل إقدامه على عمل في المنطقة المشتركة بينهما فإما أن يقبل الآخر ما يعرض عليه قبول اقتناع ورضا .. وإما أن يبدى الطرف الآخر رأيه فيما يعرض عليه ومن الأفضل وضع مشروع لجدول أعمال الحوار يحدد موضوعات النقاش وعناصر كل موضوع. فإذا لم يسع أحد الأطراف باقتراح لفتح باب الحوار وفوجئ الآخر بما يفرض عليه، إذا تناسى أحد الأطراف حق الآخر وأقدم على اتخاذ خطوات تتعلق بالآخر دون سابق اتفاق بينهما فان الآخر من حقه المراجعة .. بل له حق التوقف وعدم التفاعل مع تلك الإجراءات .. وإلا فأين حقوق الإنسان وحقوق المواطن وحقوق الجار وحقوق الصداقة وحقوق ذوى القربى وحقوق سائر الخلق بعضهم على بعض.
والإيضاح فريضة من فرائض الحوار وركن من أركانه.
هل الحوار نوع من الجدل؟
ليس ذلك تماما .. إنما الحوار مناقشة مفتوحة بين أطراف ترجو الوصول إلى قرار ما أو اتفاق ما فإذا استمر الحوار حراً يسير في قناة تحري الحق والوصول إلى الهدف فهو حوار وإن ذهب أحد الأطراف بعيداً يريد إطالة الحوار وإضاعة الفرصة فإنما يكون ذلك جدلا لذلك يطالبنا القرآن الكريم في ممارستنا للدعوة أن ندعو بالحكمة وهى وضع الأمور في نصابها والموعظة الحسنة وهى تلك التي لا تجرح المشاعر ولا ترهق كرامة فإن واجه الداعية جدلاً ولفاً ودوراناً فلابد من مجادلته ولكن بأسلوب أفضل وطريقة أقصر وخط أقوم.
دلالة الحوار وفلسفته:
للحوار في لغتنا وتراثنا معان رفيعة القدر سامية الدرجة تكسوها مسحة حضارية راقية ، فتكسبها دلالة عميقة تعبر عن روح الأمة.
فالأصل في الحوار هو المراجعة في الكلام، بما يوحي إلى ما ينبغي من رحابة الصدر، وسماحة النفس، ورجاحة العقل، وبما يتطلبه من ثقة ويقين وثبات، وبما يرمز إليه من القدرة على التكييف، والتجاوب، والتفاعل، والتعامل المتحضر الراقي مع الأفكار والآراء جميعاً.
وارتباط الحوار بمعنى الرجوع عن الشيء والى الشيء، يثبت في الضمير الإنساني فضيلة الاعتراف بالخطأ، ويركز على قيمة عظمى من قيم الحياة الإنسانية، وهي القبول بمبدأ المراجعة، بالمفهوم الحضاري الواسع الذي تجاوز الرجوع عن الخطأ، إلى مراجعة الموقف برمته، إذا اقتضت لوازم الحقيقة وشروطها هذه المراجعة، واستدعى الأمر إعادة النظر في المسألة المطروحة للحوار على أي نحو من الأنحاء، وصولاً إلى جلاء الحق.
فالحوار قيمة من قيم الحضارة الإسلامية، المستندة أساساً إلى مبادئ الدين الحنيف وتعاليمه السمحة، وهو موقف فكري وحالة وجدانية وهو تعبير عن أبرز سمات الشخصية الإسلامية السوية، وهو سمة التسامح، لا بمعنى التخاذل والضعف بوازع من الهزيمة النفسية، ولكن بمعنى الترفع عن الصغائر، والتسامي عن الضغائن، والتجافي عن الهوى والباطل.
وهذه بعض الأقوال ..
 الحوار قيمة من قيم الحضارة الإسلامية ولا يعني التخاذل والضعف.


 العالم يحتاج إلى الحوار منهجاً ووسيلة وأداة لتفادي الصدام والحروب.

 هدفنا من إقامة الحوار التفاعل بين الثقافات وهو التعارف القرآني السامي.

 من شروط الحوار الجاد الهادف أن يتصف بالحكمة، والحكمة هي جماع العلم و المعرفة.

 الحوار الذي يجب أن ندعو إليه هو الذي يستمد من الإسلام روح الاعتدال.

معنى الحوار
قال العلامة ابن فارس رحمه الله تعالى: (حور) والواو والراء ثلاثة أصول:
أحدها: لون، والآخر الرجوع، والثالث أن يدور الشيء دوراً إلى أن قال وأما الرجوع فيقال حار، إذا رجع. قال الله تعالى: "إِنَّهُ ظَنَّ أَن لَّن يَحُورَ".14 (الانشقاق)
والعرب تقول: "الباطل في حور" أي رجع ونقص.
(الحور) مصدر حار حوراً رجع، وتقول: كلمته فما رجع إليّ حواراً وحواراً ومحورة وحويراً.
وقال العلامة الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى: الحوار: المرادة في الكلام، ومنه التحاور. قال الله تعالى: "وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا". 1(المجادلة)
وقال الإمام الزمخشري: "وحاورته: راجعته الكلام ، وهو حسن الحوار".
وقيل في المعجم الوجيز: حديث يجري بين شخصين أو أكثر. وتحاوروا: تراجعوا الكلام بينهم، وتجادلوا..
وقال في لسان العرب: معنى الحوار، حاوره محاورة وحواراً : جاوبه. في كتاب الله: ﴿وقال له صاحبه وهو يحاوره ﴾ الكهف, الآية:37 . قال القرطبي: أي يراجعه في الكلام ويجاوبه، والمحاورة المجاوبة، والتحاور: التجاوب".ولقد وردت مادة الحوار في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع وكلها جاءت بمعنى مراجعة الكلام وتداوله بين طرفين:
 ﴿فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً﴾.الكهف ، الآية :34
 ﴿قال له صاحبه وهو يحاوره أكفرت بالذي خلقك من تراب﴾.الكهف ، الآية: 37
 ﴿وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما﴾.المجادلة ،الآية :1
والحوار هو عملية محاورة, بين أفراد؛ اثنين أو أكثر, يتخللها موضوع يطرحه أحدهم ويجاب عنه, وقد ينتج عنه تفريعات أخرى.
ومن أثر الحوار: أن يفكر المحاور في آرائه أو يتراجع عنها أو يزداد بها وثوقاً.
ولفظ الحوار لم يكن مستعملاً في تاريخنا بشكل كبير وقلما كان يستعمله علماء الأصول أو علماء الكلام بخلاف لفظ الجدل والمناظرة.
مكانة وأهمية الحوار:
يقرر الإسلام الاختلافَ كحقيقة إنسانية طبيعية، ويتعامل معها على هذا الأساس. من هذا المنطلق برزت أهمية الدعوة للحوار، واستشراف وجهات نظر الطرف الآخر.
وانطلاقاً من أهمية الحوار، واعتباره إحدى ركائز التعايش، حرص الإسلام على إقرار مبادئه، حيث رتب الشرع أجراً لمن اجتهد وأخطأ، فنعرف جميعا أن من اجتهد وأصاب الحق، فقد نال أجرين: أجر الاجتهاد، وأجر الإصابة للحق. ومن اجتهد وأخطأ، فله أجر واحد، هو أجر الاجتهاد، ولم يؤثَم على الخطأ.
وفي ثقافتنا الإسلامية كذلك أن الحوار يتطلب، أولاً وقبل كل شيء الاعتراف بوجود الآخر المختلف، واحترام حقه، ليس في تبني رأي أو موقف أو اجتهاد مختلف فحسب، بل احترام حقه في الدفاع عن هذا الرأي أو الموقف أو الاجتهاد، ثم واجبه في تحمل مسئولية ما هو مقتنع به.
الطريقة الحوارية في القرآن الكريم:
إن مفهوم الحوار يعتبر من المفاهيم الأكثر رقيا في التعامل بين البشر، فمنذ اللحظة الأولى للتكوين الإنساني، كان الله سبحانه وتعالى يكرّس هذه القيمة الجمالية التي يمكن أن يكون لها أثرا واضحا وجليا في تدعيم الحياة بين بني البشر، والحوار في حد ذاته ليس قصرا على الفرد بعينه، بل يمكن أن يتعدى ذلك، ليصبح حواراً بين الأمم، وقد ذهب القرءان الكريم في إعطاء الحوار معنى أوسع، يتعدى البشر، ويمكن أن يكون الحوار بين الإنسان من ناحية وبين مخلوقات أخرى من ناحية ثانية، سجّل القرءان الكريم بعضاً لهذه الحوارات مثل الحوار الذي دار بين سليمان عليه السلام والهدهد، والحوار الذي دار بين سليمان والنملة في سورة النمل في القرءان الكريم.
ولأن الحوار على هذه الحالة من الشفافية، وبهذه القيمة الجمالية التي تلّفه، كان الخالق عز وجل يضع لنا فلسفة الحوار مع الآخر، حتى لو كان إبليس أو مع من ينوب عن إبليس، فالمولى عز وجل يمثل ذروة الخير المطلق، وإبليس عليه لعنة الله كان ومازال يمثل ذروة الشر المطلق، إلا أن الله سبحانه وتعالى سمح له بالحوار والسؤال والإجابة حينما أمر الملائكة بالسجود لآدم، وإبليس رفض فكرة السجود أو تنفيذها. ويعتبر فهمنا للطريقة الحوارية كإحدى طرق التربية المهمة في الحياة، ولا سيما نحو بناء جيل أكثر وعياً وإشراقا، وأكثر مقدرة على استشراق المستقبل بما يرضي الله سبحانه وتعالى.
الطريقة الحوارية والقرآن الكريم:
من خلال فهمنا للقرآن الكريم كما قدمه العلماء في كتب التفسير المختلفة، يمكن أن نقول بأن هناك نماذجاً مهمة في الحوار جاءت في القرءان الكريم، وفي مناسبات عديدة ومتنوعة لكن يمكن القول أن الطريقة الحوارية كانت واضحة في عدة مواطن كطريقة للتعليم أكثر منها كحوار مجرد فقط.
أشكال الحوار في القرءان الكريم:
· حوار الله سبحانه وتعالى مع الملائكة.
· حوار الله سبحانه وتعالى مع الرسل والأنبياء عليهم صلوات الله وسلامه.
· حوار الله سبحانه وتعالى مع إبليس عليه لعنة الله.
· حوار الله مع الأقوام عن طريق الرسل.
· حوار الله مع الإنسان كإنسان.
· حوار الإنسان مع الإنسان. (حوار أهل الجنة والنار).
· حوار الرسل مع أقوامهم.
· حوار الإنسان مع المخلوقات الأخرى. (الهدهد والنمل).
· حوار الأنبياء مع الطغاة والحكام والجبابرة.
· حوار الإنسان مع الجماد، مثل حوار الإنسان مع أعضائه التي تشهد عليه وتنطق يوم القيامة.
نماذج للحوار في القرآن:
النموذج الأول: حوار الله سبحانه وتعالى مع الملائكة:
هذا الحوار بدأ من اللحظة الأولى التي أراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل في الأرض خليفة، ويقوم بدور الخلافة على الأرض، فأراد أن يخلق الإنسان لكي تناط به هذه المهمة الصعبة، فقال سبحانه: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني اعلم ما لا تعلمون* وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين* قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم* قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض واعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون"
سورة البقرة { الآيات 30- 33 }.
في هذا النموذج الحواري الذي يدور بين الله والملائكة، يتضح لنا أن الملائكة لديها معلومات عن هذا المخلوق الجديد الذي لم تعرفه من قبل، معلومات غير صحيحة، وكانت هذه المعلومات مبنية على حياة الجن الذي كان يسكن الأرض قبل الإنسان، فاعترضت الملائكة وهي معمّمة لخطأ الجن في القتل وسفك الدم والإفساد، فكان الحوار يتواصل من قبل الله، ويخلق آدم، ثم يعلمه الله أسماء الأشياء والتي قال فيه العلماء قد تكون بمعنى اللغات، وبمعنى آخر هي أسماء الأشياء وصفاتها ومسمياتها، وهنا..يتضح للملائكة أن هذا المخلوق الجديد الإنسان يختلف عن المخلوق السابق الذي كان يسكن الأرض، لذلك ردت الملائكة بعد تصحيح المعلومات لديها بالقول (سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا انك أنت العليم الحكيم).
النموذج الثاني: حوار الله سبحانه وتعالى مع الأنبياء:
ونقصد هنا في هذا العنوان، حوار الله مع الأنبياء والرسل الذين كان الله يرسلهم لأقوامهم ، سواء كان معهم كتاب سماوي، أو بعض الصحف والألواح، ولكن هنا في معرض النموذج الحواري بين الله وبين أحد الرسل سيكون هدفه إظهار مقدرة الله تعالى الفاعلة في كل شيء، وسيكون محط الدراسة هو "العزير عليه السلام "، وسنرى كيف هذا النبي بضعفه الإنساني يسأل عن بعض الأمور التي قد تكون غائبة أو غير حاضرة في تفكيره حينئذ...والقرءان سجل هذا الحوار فقال سبحانه وتعالى: "أو كالذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها قال أنى يحيي الأرض بعد موتها فأماته الله مائة عام ثم بعثه قال كم لبثت قال لبثت يوما أو بعض يوم قال بل لبثت مائة عام فأنظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنّه وأنظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وأنظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحماً فلما تبين له قال اعلم إن الله على كل شيء قدير" سورة البقرة { الآية 259 }.
المعلومات التي لدى العزير، هو الاستغراب عن إحياء قرية بأكملها قد فنيت عن الأرض، ومات أهلها جميعاً وأصبحوا من سكان القبور، هنا كان العقل الإلهي، التعليم من خلال التجربة والممارسة .. أن أماته الله، ثم كان السؤال كم لبثت؟ فقال العزير: يوماً أو بعض يوم، والمعلومة هنا عند العزير عليه السلام هي معلومة خاطئة، فكان الرد الإلهي؛ بل لبثت مائة عام، ثم اتبع الشواهد التي تؤكد هذه الفترة من الموت.
أيضاً عيسى عليه السلام: ( وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَإِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِينَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) (المائدة:116)
النموذج الثالث: حوار الله سبحانه وتعالى مع إبليس:
ويعتبر هذا النموذج من أخطر النماذج الحوارية في القرءان الكريم، وفي مفهوم ولغة الحوار بين الأضداد على إطلاقها، حيث أن هذا النموذج والذي يمثل فيه سبحانه وتعالى رمز الحق المطلق والخير المطلق فيحاور رمز الشر المطلق والباطل المطلق؛ ألا وهو إبليس عليه لعنة الله وكأن الله سبحانه أراد أن يضع فلسفة مهمة لبني الإنسان، تقضي إلى إمكانية الحوار والتفاهم بالطريقة الحوارية مع الآخر، أو إقامة الحجة عليه لو كان يمثل النقيض لفلسفة الخير التي يحملها الدعاة .. ولنترك للقرآن أن يضع بين أيدينا جو هذا الحوار: "ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين* قال ما منعك ألاّ تسجد إذ أمرتك قال أن خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين* قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين* قال أنظرني إلى يوم يبعثون* قال إنك من المنظرين* قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم* ثم لأتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين* قال أخرج منها مذءوماً مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين" سورة الأعراف { الآيات 11 - 18 }.
ربما هذا الحوار الأطول بين الله سبحانه وتعالى وبين إبليس عليه لعنة الله، والحوار ذاته يتكرر في مواطن مختلفة في القرءان الكريم لكنه يكون بصورة اقل وأقصر مما هو في سورة الأعراف.
والشاهد القوي في الحوار أن إبليس يدعي انه افضل من الإنسان، لذاك رفض أن يسجد لآدم عليه السلام، مع العلم أن السجود هنا هو سجود تحية وليس عبادة، ولكن روح المكابرة في القرءان الكريم التي كانت لدى إبليس جعلته يصّر على كبريائه في هذا النص، ولكن في نصوص السنة المختلفة والتي تفسر القرآن الكريم كثير من الأحيان، أنه جاء في معنى الحديث الشريف أن إبليس يقول: ( ويلي.!.أمر ابن آدم بالسجود فسجد، وأمرت بالسجود فعصيت..!) .. وهذا يعني إقرار بعدم صوابية رؤيته عن أفضليته على آدم. ولكن روح الكبرياء التي عنده هي التي جعلته لا يمتثل لأمر السجود.
ومن هذا الحوار بين الخير والشر، يمكن أن يكون هناك لفته مهمة في حمل دعوة السماء إلى الناس حتى الزعماء منهم أو الطغاة، وهذه اللفتة تتمثل في انه يمكن للدعاة أن يحملوا هذا الدين مبشرين به وليس منفرين، ويطرقوا به أبواب الحكام الظلمة ويقيموا عليهم الحجة والبرهان كما فعل موسى عليه السلام وأخيه مع فرعون فقال سبحانه وتعالى في هذا السياق: "اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكرى* اذهبا إلى فرعون إنه طغى* فقولا له قولاً لينا* لعله يتذكر أو يخشى ...". سورة طه {الآيات 42 - 45}.
وتنتهي رحلة الحوار مع الطغاة في نهاية النموذج مع فرعون بإيمان السحرة.
bertelin
bertelin
المدير العام
المدير العام

عدد مشآرڪآتي: عدد مشآرڪآتي: : 2396

جْــنــسِےْ• : ذكر

بَــــلـــَـدِے• : algeria
alger

نْـقٌٍـآطُْـيَـے• نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 4909
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 23/07/2009

الأوسمة وسام كبار الشخصيات

http://www.forum-setif.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الحوار وأثره فى التربية Empty رد: الحوار وأثره فى التربية

مُساهمة من طرف bertelin الأحد 9 مايو 2010 - 6:23

النموذج الرابع: حوار النبي عليه السلام مع ابنه:
في هذا النموذج سنتعرض لمرحلتين في الطريقة الحوارية، في المرحلة الأولى سنتعرض للحوار بين نوح عليه السلام مع ابنه، وهو يصحح له المعلومات الخطأ التي بحوزته، حيث قال الله سبحانه: ".. وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ* قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ"سورة هود {الآيات 42 - 43}.
نوح عليه السلام يوحي إليه من ربه أن هذه الأمة ستهلك ولن ينجو إلا الذي سيصعد في السفينة وسيكون هناك من الطوفان ما يكفي لابتلاع كل شيء على وجه الأرض، ولكن ابنه يستعصي عليه هذا الفهم والمعلومات الطبيعية المسبقة لديه، أن الجبل يمكن أن يكون ملاذاً من المياه والفيضانات ولم يكن في تصوره أن الفيضانات ستصل إلى حد الطوفان الذي سيدمر كل شيء، لذلك قال لأبيه: (سآوي إلى جبل يعصمني من الماء)، وهذا علم خطأ في مفهوم نوح عليه السلام، لذلك قال لأبنه: (لا عاصم اليوم من أمر الله)، لكن وما يقال "الكفر عناد".
رفض الابن أن يركب في سفينة النجاة التي أعدها أبوه بأمر من الله، وانتهى المشهد الأول أو المرحلة الأولى من هذا النموذج، ولكن عندما تتدخل عاطفة الأبوّة لدى نوح عليه السلام وهو يرى ابنه يغرق في الطوفان، توجه إلى الله بأن ينجي له ابنه، وهو يعتقد انه من الدائرة الشخصية لنوح، أي الدائرة الأكثر قرباً له فقال نوح لربه سبحانه وتعالى: "وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ* قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ* قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ". سورة هود {الآيات 45 - 47}.
كما ذكرنا أن المعلومات لدى نوح عليه السلام في معيار الله لم تكن صحيحة (انه ليس من أهلك) هذا رد واضح على نوح عليه السلام، ونوح يتعلم ذلك ويعترف بخطئه ويدرك معنى دائرة الأهل في الدعوة، والتي كما يقول العلماء: أن الأهل في حقل الدعوة هم أهل الدين والعقيدة، لذلك عندما عرف نوح عليه السلام عدم صوابية المعلومات التي عنده حول مفهوم الأهل قال عليه السلام:
(قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ).

وفي القرآن الكريم أشكال وأنماط متعددة ومختلفة من الحوارات بين كافة المستويات فمن ذلك:
حوار أهل الجنة والنار:
(وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) (لأعراف:50)
حوار الرسل مع أقوامهم: وهذا كثير جداً.
حوار الإنسان مع غير الإنسان كالهدهد مع سليمان عليه السلام:
(فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ) (النمل:22)
حوار الأنبياء مع الملوك والحكام والجبابرة: وهذا أيضا في عشرات المواضع كما في قصة موسى عليه السلام مع فرعون.
حوار الإنسان مع أعضائه التي تشهد عليه وتنطق يوم القيامة:
(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) (فصلت:21)

في حوار الله مع الشيطان: من خلال هذا الحوار الإلهي مع الشيطان، تبرز حقيقة الثواب والعقاب، الخير والشر، الإيمان والكفر. وما كان لصورة هذه الحقيقة أن تكتمل من دون هذا الحوار؛ وما كان لهذا الحوار أن يقوم من دون وجود الآخر.
في حوار الله مع الأنبياء: تبرز حقيقة الإعجاز الإلهي: (وإذا قال إبراهيم رب أرني كيف تحيِ الموتى قال أولم تؤمن قال بلىَ ولكن ليطمئن قلبي، قال فخذ أربعة من الطير فصُرهُنَّ إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءًا ثم ادعهنَّ يأتينك سعيًا واعلم أن الله عزيز حكيم). سورة (البقرة)، الآية 260.
في حوار الله مع عباده: تبرز حقيقة العدل الإلهي، حيث ورد في الآية الكريمة: (قال ربِّ لِمَ حشرتني أعمى وقد كُنتُ بصيرًا، قال كذلك أتتكَ آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى). سورة (طه) ، الآيتان 125- 126.
في حوار الأنبياء مع الناس: تبرز حقيقة التربية الإلهية، حيث ورد في الآية الأولى من سورة (المجادلة): (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير)،
كما تبرز حقيقة الهداية الإلهية: (ألم ترَ إلى الذي حاجَّ إبراهيم في ربِّه أن أتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيِ ويميت قال أنا أحيِ وأميت قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فآتِ بها من المغرب فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين). سورة (البقرة)، الآية 258.
في حوار الناس مع الناس: تبرز حقيقة الجشع الإنساني: " فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعزُّ نفرًا" سورة (الكهف)، الآية 34.
تبيِن الآيات الكريمة السابقة أن الحوار يتطلب وجود تباينات واختلافات في الموقع، وفي الفكر، وفي الاجتهاد، وفي الرؤى، وفي ذلك انعكاس طبيعي للتنوع الذي يعتبر في حد ذاته آية من آيات القدرة الإلهية على الخلق، ومظهرا من مظاهر عظمته وتجلياته.

وفي القرآن الكريم نصوص كثيرة متشابهة كلفظ الجدال, والمخاصمة, والمحاجة.
لكن لفظ الحوار له خصوصية ومزية, وقد ورد في القرآن في ثلاثة مواضع:
 (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً) (الكهف:34)
 (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً) (الكهف:37)
 (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1)
ولفظ الحوار في القرآن غير مقيّد, والله عز وجل سمى فعل المرأة (مجادلة) وهي تذكر زوجها, ولما اشترك معها النبي صلى الله عليه وسلم سمى الفعل محاورة.
ومن ألصق معاني الحوار أو الحور هو التردد والرجوع, وذلك يكون بالذات أو بالفكر ومنه «اللَّهُمَّ إنّي أعُوذُ بِكَ مِنَ الْحَوَرِ بَعْدَ الكَور» أي من التردد في الأمر بعد المضي فيه أو النقص في الحال بعد الزيادة. والمحاورة والحوار هي المراددة في الكلام ومنه التحاور.
فالحوار فيه معنى ترداد الفكر في العقل, والأخذ والرد, وفيه معنى الاستعداد لدى الإنسان للرجوع إلى الحق إن استبان له. وهذا معنى شريف في لفظ الحوار، ولا يستلزم ذلك الرجوع من قول لآخر, لكن يحدث الإنسان نوعاً من التحوير أو التعديل أو ينظر في دقة وتحرير ما قاله.
إذن الحوار فيه نوع من الرجوع, وعدم الاستئثار بالرأي دون الطرف الآخر, وفيه نوع من الملاينة في الكلام, والملاطفة, بخلاف المجادلة والمحاجة. وفيه نوع من رفع سقف المناقشة قدر الطاقة بين المتحاورين. فالحوار ليس جدالاً ولا مقارعة ولا منابذة في ميدان قتال تراق فيه دماء المتحاربين بسيوف الألفاظ النابية والفكر المعقد والمسلك المتشنج.
فهناك تلازم بين الحوار والأدب, بين الحوار واللطف, بين الحوار واللغة الراقية!
وهذا كله من شأنه أن يجعل الحوار يؤتي أكله, ويصل إلى أهدافه من بيان الحق, وإقناع الآخر به.

[size=21]وصف الله نبيه إبراهيم عليه السلام بأنه كان أمة، أمة وحده: "إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" النحل :120
"شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ" النحل : 121 وإن المشاهد التي حكاها القرآن من سيرة سيدنا إبراهيم عليه السلام تفيض بالعظمة. وهذا زاد للدعاة إلى الله، إلى جانب الاستمتاع بالقصة من خلال سرد المشهد: "قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ" يوسف : 108
المشهد الأول: حواره مع أبيه "حوار خاص":
ولد سيدنا إبراهيم عليه السلام في مملكة بابل (جزء من العراق حالياً) فوجد أباه أو عمه حسب الروايات واسمه آزر يصنع الأصنام ليعبدها الناس.
بين حجارة الحضارة، والقلوب المتحجرة نشأ رسولنا إبراهيم عليه السلام وبعد نظر طويل في عالم الأصنام وتفكير في صياغة الحوار مع الأب والصانع، دار هذا الحوار: "وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا* إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا* يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا* يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا* يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا* قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا* قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا" 41 - 47 (مريم).
من الحوار الذي سجله القرآن الكريم نلتقط هذه المعاني:
 لقد هيمن الأدب، وهيمنت العاطفة الفطرية، على لغة التخاطب بين إبراهيم عليه السلام وأبيه "يّا أّبّتٌ".
 إرجاع الكفر والشرك إلى مصدره الأصلي: الشيطان، وليس إلى النفس البشرية المفطورة على التوحيد.
التعبير بـ "جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ " يفيد التواضع، وأن العلم يُكتسب، وبالمقارنة مع قول قارون: "إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ" علم عندي (القصص:78) فيتضح الفارق بين التواضع والغرور.
 إظهار الشفقة على مصير الأب الكافر، وأن الهدف من دعوته، إنقاذه من العذاب "إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن".
قد يحتد الأب إذا كانت دعوة الهداية آتية إليه من الابن، على تصور من بعض الآباء أن الصغار مشكوك في صلاحيتهم لهداية الكبار!! وهنا يجب الفراق بهدوء "قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا" ويتبع ذلك اعتزال أهل الملة الباطلة جميعهم "وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاء رَبِّي شَقِيًّا" 48- 47 (مريم).
المشهد الثاني: حوار مع أبيه وقومه "حوار عام":
إذا كان أهل الضلال في اجتماع عام، هنا يغلب على الحوار طابع المناظرة، فتختلف هنا اللغة عن لغة الحوار الخاص، إذ يجب أن تحسم المسائل المطروحة للحوار لأن المواجهة هنا تكون مع الرأي العام، وليس مع شخص قد يكون للخصومة الشخصية تأثير فيها.
لنتابع هذا الحوار:
"وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَ* إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ* قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ* قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ* قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ* قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ* وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ* فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَّهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ* قَالُوا مَن فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ* قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ* قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ* قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ* قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ* فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ* ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ* قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ* أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ* قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ* قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ* وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ* وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء من 51 - 71).
من هذا المشهد نلتقط تلك المعاني:
 الرشد المبكر نعمة من الله، فإذا وظف الرشد في الخير كانت نعمتان.
 بدء الحوار بالسؤال يعطي المسؤول الفرصة حتى يعبر عما في نفسه .. ولا يبدأ الداعية بالهجوم قبل أن يعرف ما عند الطرف الآخر.
 في هذا المشهد يقف والد إبراهيم مع القوم فيكون حديث سيدنا إبراهيم عاماً، بخلاف الحديث الخاص بين سيدنا إبراهيم وأبيه .. كان الحديث الخاص يتميز بالعاطفة، أما الحديث هنا فيتميز بالمنطق، والمنطق جاف.
 في أثناء الحوار والمناظرة تتكشف للمحاور أمور تعينه على إدراك حقائق، وهذا الإدراك يعينه على توجيه الحوار وإصدار القرار.. مثل التبعية للآباء في الضلال، بل الزيادة على موروث الآباء: "مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ* قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ" لقد تحول الجيل اللاحق إلى عاكف، وقد كان الجيل السابق مجرد عابد.
 لابد من تسفيه الباطل في الخطاب الإعلامي الدعوي، إذا كان الموضوع متعلقاً بالحق وما يقابله: "قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ" هكذا صراحة ودون مواربة، وقد نزل الوحي على سيدنا محمد بالأمر الإلهي: "قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ* وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ" (الكافرون 1-6)، إنها مسألة لا فصال فيها ولا جدال.
 الاستدلال على عظمة الله سبحانه بملكية السموات والأرض، لأن أهل الباطل، خاصة الطواغيت قد يمتلكون أرضاً واسعة، أو ذهباً أو غير ذلك مما يفرضون به سلطانهم على الفقراء وأصحاب الحاجات .. أما ملكية السموات والأرض وما بينهما فليست إلا لله، وبإعلان هذه الملكية تنقطع المحاولات والمماحكات التي يلجأ إليها الطواغيت الكفار والمشركون لتعبيد الناس لهم!.
 أقسم سيدنا إبراهيم ليكيدن الأصنام! وهنا سؤال يطرح نفسه: لماذا لم يتخذ القوم إجراءات أمنية لحماية الأصنام؟ والظن الراجح أن القوم كانوا يعتقدون في معبوداتهم أنها تحمي نفسها!! وأن هذا الفتى إبراهيم هو الخصم الوحيد لهم ولمعبوداتهم، فماذا عساه يصنع بمملكة الأصنام؟!.
 نفذ سيدنا إبراهيم عليه السلام خطته فحطم الأصنام، ووضع أداة التكسير على كتف الصنم الكبير.. ثم قال لهم حين استجوبوه "بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ" فتحول القوم من محاورته إلى محاورة بعضهم لبعض، "فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ"، وبدأت حركة إفاقة ولكنها انقطعت فلم تمض في الطريق الموصلة إلى معرفة الحقيقة وهي التي وصفها القرآن بأنها انتكاسة " ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ"، تلك الانتكاسة فتحت الباب واسعاً أمام سيدنا إبراهيم ليرفع صوته عالياً: "أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ".
إن منطق داعية الحق قوي، ولسانه فصيح، ورغم أنه الوحيد المؤمن ولا يستند إلا لقوة الغيب غير المشاهد للطاغوت وللمجتمع المنحرف، إلا أنه فصيح لا يتلجلج وهو يواجه ويتأفف من معبودات المملكة كلها.

[/size]

bertelin
bertelin
المدير العام
المدير العام

عدد مشآرڪآتي: عدد مشآرڪآتي: : 2396

جْــنــسِےْ• : ذكر

بَــــلـــَـدِے• : algeria
alger

نْـقٌٍـآطُْـيَـے• نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 4909
تاريخ التسجيل تاريخ التسجيل : 23/07/2009

الأوسمة وسام كبار الشخصيات

http://www.forum-setif.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى