فضل التوبة وفرح الله بالتائب
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
فضل التوبة وفرح الله بالتائب
قبس من نور النبوة |
فضل التوبة وفرح الله بالتائب |
الدكتور. عبد الرحمن إبراهيم فودةأستاذ الأدب المقارن بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة |
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد، أيها المستمع الكريم ... سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وأهلاً ومرحبًا بكم فى حلقة جديدة من برنامج "قبس من نور النبوة" يقول الشاعر: إذا أُخبرت عن رجل برىء مـن الآفات ظاهره صحيحُ فسلهم عنه هل هو آدمى ؟ فإن قـالوا نعم فالقـول ريحُ ومن إنعام خالقنا علينا بأن ذنـوبنـا ليسـت تفــوح فلو فاحت لأصبحنا هروباً فرادى فى الفلا لا نستريـحُ أيها المستمعون الكرام لا شك أننا كلَّنا ذوو أخطاءٍ وذنوب .. ولكن هناك فرق بين مذنب ومذنب. مذنبٍ تلهب المعصية نفسه وتَقَضُّ عليه مضجعَه فلا يقر له قرار. ومذنبٍ لا يبالى بأى وادٍ من أودية الذنوب هلك ... حول هذا المعنى يحدثنا النبى صلى الله عليه وسلم .. فقد روى البخارى ومسلم (1) من حديث عبد الله بن مسعود رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤمن يرى ذنوبه، كأنه قاعدٌ تحت جبل يخاف أن يقع عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مرَّ على أنفه. فقال بيده هكذا. ثم قال : للهُ أفرحُ بتوبة عبده، من رجلٍ نزل منزلاً وبه مهلكة، ومعه راحلتهُ، عليها طعامه وشرابُه، فوضع رأسه، فنام نومة فاستيقظ، وقد ذهبت راحلتُه. حتى اشتد عليه الحرُّ والعطشُ أو ما شاءَ اللهُ. قال: أرجع إلى مكانى. فرجع. فنام نومة. ثم رفع رأسه. فإذا راحلته عنده". نحن أمام مثَل من أمثلة الأدب النبوى العالى. تقوم فكرته على المقارنة بين خوف المؤمن من ذنوبه وإن قلَّتْ، واستهانة الفاجر بذنوبه وإن كَثُرت، ثم دعوة صادقة لكل من تلبّس بالذنب أن يسارع بالدخول فى باب التوبة إلى الله الذى يفرح بعودة التائب إلى رحابه. يقوم الحديث على ثلاثة مشاهد لبيان الفكرة المشار إليها سلفاً. المشهد الأول: يصور لنا المؤمن تتوالى على وجدانه أحداثُ الماضى المُذنب وتتساقطُ على حسِّه وفى رُوعه مقامعُ العقاب فى الآخرة، فتأخذهُ رِعداتُ الخوفِ المُفزع والوجلُ من هذا الخطر الذى هو حقيقةُ لا انفلات منها. يصوره لنا برجل قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه. وتأمل معى أيها المستمع الكريم لفظة (الجبل) وما توحى به من ضخامة وصلابة وجهامة، وقسوة واستطالة، وهى معانٍ مستقرة فى أذهان المخاطبين فى صحراء العرب بشكل خاص ثم فى كل ذهن إلى يوم القيامة بشكل عام وتخيل قعقعة الصخور المتهاوية المتدافعةِ من علٍ، وانتقاضَ الجبل فوق رأس المسكين تدكُّها مع الأرض دكَّا ..هكذا يصور لنا النبى صلى الله عليه وسلم مدى أثر الذنب فى القلب المؤمن، واستشعاره خوفَ الله فى شديد عقابه، لتكون الرغبةُ فى التوبة من هذه الذنوب واللهفةُ عليها، كلهفة ذلك المكروب تحت الجبل إلى النجاة. والمشهد الثانى: يصور لنا استهانة الفاجر بالذنب، وفقدانه معاتبة الضمير، لبلادة حسِّه، فقد اعتاد الإثم وارتكس فى حمأة الذنب، فلا يجد حرجاً، ولا وخزاً من ضمير يوقظ فيه ما يرده إلى حميّة الإيمان .. والنبى صلى الله عليه وسلم يصور الذنوب فى غثاثتها وكراهية النفس السليمة لها، وذلك الفاجر يواقعها فى غير مبالاة .. بالذباب الذى يَطنُّ فوق أنف فاسدة الذوق، ويمضى عنها ليعود إليها فلا تلتفت ولا تنتبه وغاية ما يمكن أن يفعله ذلك الفاجر أن يشير بيده ليطرد الذباب، ثم لا يلبث أن يمل .. وهذا غاية بلادة الشعور الذى لا يوجد له مثيل إلا فى قطعان الخنازير وسِفلة المخلوقات. وإنها لصورة تصنع جواً كريهاً ومنفّراً من مقارفة الذنوب أو مقاربتها. ويأتى المشهد الثالث: فى عبارةٍ أطول من سابقيْه، توضح فرح الله تعالى بتوبة عبده العاصى .. إنه مشهدُ رجلٍ نزل منزلاً موحشاً، وليس معه من وسائل الحياة إلا دابته عليها طعامه وشرابه، فهى إذاً كل ما يربطه بالحياة ويهبُه الأمل فى قطع هذا المكان الموحش، ثم نزل الرجل يقيل لحظاتٍ بعد أن هدَّه الرحيلُ، وعناءُ السفر، فنام نومة ثم استيقظ على الفزع الذى هز كيانه، لقد فقد راحلته، فانطلق المسكين مروَّعًا يعدو فى كل اتجاه على غير هدى، بحثاً عن راحلته الضائعة، حتى كلّت قدماه، وأنهكه التعب، وبلغ به الحر والعطش مبلغاً، فجرجر أقدامه إلى المكان الذى كان ينام فيه، فنام نومة مكسورة الوجدان محترقة الأنفاس وهو فى انتظار الموت، ثم تقلب ورفع رأسه فإذا راحلتُه عنده .. كم يكون فرح ذلك الرجل براحلته .. يُبين لنا النبى صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى أشد فرحاً بتوبة العبد العاصى من ذلك الرجل براحلته الذى أخطأ من شدة فرحه فقال (اللهم أنت عبدى وأنا ربك) .. إنها إذاً دعوة إلى رحاب الله الكريم تفيض بالحب والحنان لكل مذنب خطّاء يعلم أن له رباً يغفر الذنوب ولا يبالى، وأن باب توبته مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها .. فلنسارع أيها الإخوة الكرام بالتوبة إلى الله تعالى الذى يبسط يده بالليل ليتوب مسيئ النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيئ الليل وينادى الشاردين التائهين "ياعبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم" [الزمر آية 53]. هذا ... والله تعالى أعلم. وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته ------------------- |
بسمة- مراقبة
- عدد مشآرڪآتي: : 2459
عًٍـمـًرٌٍيَے• : 29
جْــنــسِےْ• :
بَــــلـــَـدِے• : الجزائر ولاية تلمسان
نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 3306
تاريخ التسجيل : 18/12/2009
رد: فضل التوبة وفرح الله بالتائب
شكرا لك على الموضوع الجميل
دمت بالف خير
دمت بالف خير
p_a_i_n- عضو فضي
- عدد مشآرڪآتي: : 738
عًٍـمـًرٌٍيَے• : 36
جْــنــسِےْ• :
بَــــلـــَـدِے• : setif
نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 964
تاريخ التسجيل : 04/03/2010
رد: فضل التوبة وفرح الله بالتائب
جُزيتَ خيرا ً وأكلتَ طيرا ً وعِشتَ سعيدا ً ومِتَ شهيدا ً
بارك الله فيك ونفع الله بك
وجزاكي الف خير
.. الحمد لله وحده نحمده ونشكره ونستعين به ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ..
.. ومن سيئات أعمالنا ..
.. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ..
.. أشهد ان لا إله الا الله وحده لا شريك له ..
.. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ..
.. صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ..
.. ومن تبعهم بالإحسان الى يوم الدين ..
.. ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا, إنك أنت العليم الخبير ..
.. ربنا لا فهم لنا إلا ما أفهمتنا, إنك أنت الجوّاد الكريــم ..
.. ربي اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل لي ..
.. عقدة لساني يفقهوا قولي ..
.. أما بعد ..
.. فإن أصدق الحديت كتاب الله تعالى وخير الهدي,
هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تسليما ..
.. وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ..
.. فاللهم أجرنا وقنا عذابها برحمتك يا ارحم
ــــــــالراحميـــــــــــــن ــــــــــ
????- زائر
رد: فضل التوبة وفرح الله بالتائب
واو يا لها من ردود رائعة بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا
حقا افرحتني هده الردود دات معنى
شكرا جزيلا لكم على المرور بارك الله فيكم
وتشرفت بمروركم
حقا افرحتني هده الردود دات معنى
شكرا جزيلا لكم على المرور بارك الله فيكم
وتشرفت بمروركم
بسمة- مراقبة
- عدد مشآرڪآتي: : 2459
عًٍـمـًرٌٍيَے• : 29
جْــنــسِےْ• :
بَــــلـــَـدِے• : الجزائر ولاية تلمسان
نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 3306
تاريخ التسجيل : 18/12/2009
مواضيع مماثلة
» ملف التوبة
» بعض أبيات في التوبة
» فضل التوبة والاستغفار
» شهر التوبة والغفران
» رسالة الى من يؤخر التوبة
» بعض أبيات في التوبة
» فضل التوبة والاستغفار
» شهر التوبة والغفران
» رسالة الى من يؤخر التوبة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى