هوية المراة بين نظرة الاسلام والتعريف العالمي
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
هوية المراة بين نظرة الاسلام والتعريف العالمي
[color=red]هوية المرأة الإنسان.. وآثار اليونيفيم والجندر عليها
]/color]
المرأة لها هويتها الثقافية كإنسان، تشترك فيها مع شقيقها الرجل، وتفارقه في الجنس الذي فطرهم الله عليه، {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} [سورة النجم: 45-46].
لقد جاء الإسلام بالمساواة بين الرجل والمرأة في التكاليف من اعتقاد وعمل وآداب ومعاملات، وجُمع في المُنزل التشريعي بين ذِكْرِ الرجال والنساء، قال ال[color:0ced=greenااcolor=green]له تعالى: (كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [سورة النحل 97/16].نَ وَامَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا
وقال: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِيلْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [سورة الأحزاب 33/35].
وأعلنت حقوق المرأة في الإسلام
وقال في الترغيب (مِّ آية:( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ)فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم [سورة البقرة2/228].ن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)[سورة آل عمران3/195].
وقال في الترهيب: (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[سورةالأحزاب33/73]
وفي شأن الآداب والصيانة:( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [سورة النور24/31].
وحسبنا أن المبايعة على الإسلام والتزام أحكامه أول ما جاءت خاطبت النساء، قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ..} فكان النبي – صلى الله عليه وسلم- إذا بايع الرجالَ بايعهم بمثل هذه الصيغة بعد تحويل الضمائر إلى ضمائر التذكير، وقد شمل قوله "وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ" جميع الشريعة التي جاء بها الرسول – صلى الله عليه وسلم-، إلا الأحكام التي قامت الأدلة على استثناء النساء منها.
ثم إن ملاَك الأحكام التي ثبتت فيها التفرقة بين الرجال والنساء هو الرجوع إلى حكم الفطرة، فإذا كان بين الجنسين فوارق جِبِلِّية من شأنها أن تؤثر تفرقة في اكتساب الأعمال أو إتقانها، كانت تؤثر تفرقة في أسباب الخطاب بالأحكام الشرعية بحسب غالب أحوال الصنف ولا التفات إلى النادر (فلا عبرة بالمرأة المترجلة كما لا عبرة بالرجل المخنث)، فكما حرمت المرأة من الجهاد حرم الرجل من الحضانة.
أثر مؤتمرات المرأة العالمية، والاتفاقيات الدولية على المرأة المسلمة:
هذه المنظمات معروف أنها تحت إشراف مجموعة من أصحاب التوجهات المنحرفة عن فطرة البشر، وكل منها له توجهه وأجندته، فإن الأجندة النسوية ذاتها ليست متوحدة، فهناك النسوية الليبرالية وأخرى ذات الجذور الماركسية، وثالثة متعصبة للأنثى والأنوثة، معادية للذكور، ورابعة دينية مسيحية محافظة، كما أن هناك نسوية تنقد المظالم السياسية والاجتماعية ولا تركز فقط على حقوق المرأة.
وسأعرض هنا نموذجين مشتركين في الهدف، ومن خلال عرضهما يتبين مدى تنافيهما مع هوية المرأة المسلمة، النموذج الأول يمثل أداة من أدوات العولمة الثقافية وهي: المنظمات، وسأعرض منظمة (اليونيفيم) نموذجاً للمنظمات، وبعد ذلك أعرض نموذجاً من إفراز هذه المنظمات والمؤتمرات وهو (الجندر).
النموذج الأول: صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة "اليونيفيم"
وهي منظمة مستقلة ترتبط ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، باشر صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة برنامجه في منطقة غربي آسيا في عام 1994م، عندما تم افتتاح المكتب الإقليمي في عمّان. ويشمل نطاق عمل البرنامج (الذي يهدف إلى دعم تقدم المرأة) ثلاث عشرة دولة عربية، هي الدول التالية: الأردن والإمارات العربية والبحرين واليمن والكويت ولبنان ومصر وسوريا والعراق والسعودية وعمان وفلسطين وقطر.
تلتزم اليونيفيم بالسعي لتعزيز البناء المؤسسي للمنظمات والشبكات النسائية، من أجل تمكين النساء أنفسهن وتزويدهن بمهارات التفاوض للحصول على سياسات جديدة وأفضل من قبل حكوماتهن ومن المنظمات الدولية.
كما تقدم اليونيفيم الدعم الفني إلى الحكومات من أجل تشجيع الحوار بين هذه الحكومات من جهة والمنظمات النسائية من جهة أخرى.
وينصب اهتمام اليونيفيم على المحاور الثلاثة التالية ذات الاهتمام الحاسم:
- تعزيز القدرات الاقتصادية للنساء، كمبادِرات للأنشطة الريادية ومنْتِجات، وخصوصًا في إطار أجندة التجارة العالمية وظهور التقنيات الجديدة.
- تحقيق توازن جنسوي في المؤسسات ومراكز صنع القرار التي تؤثر على حياتهن.
- نشر الوعي بالحقوق الإنسانية للمرأة، والقضاء على جميع أشكال العنف ضدها، والعمل على توجيه عملية التنمية نحو السلام والعدل والاستدامة.
بعض أهداف برنامج غرب آسيا:
1- تعزيز القدرات الاقتصادية للمرأة من خلال تصميم برامج تدعم وصولها إلى قطاع المشاريع الصغيرة والجزئية، وضمان توفير الخدمات الداعمة لها.
2- دعم القدرات المؤسسية على الصعيد الوطني في مجالات التخطيط الجندري وإدماج قضايا الجندر، والأنشطة التنموية المبنية على أساس الجندر.
3- القيام بدور داعم من خلال منظومة الأمم المتحدة والجهات المانحة للسعي نحو دمج قضايا الجندر في برامج التنمية.
4- زيادة الوعي بين صفوف النساء وفي المجتمعات المحلية حول حقوق المرأة التي تنص عليها الاتفاقيات الدولية من أجل مكافحة العنف والتمييز اللذين يمارسَان ضدها، ودعم مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار.
ثم أنشأ صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة برنامج حقوق المرأة الإنسانية؛ انعكاسًا للالتزام الذي ينتهجه الصندوق نحو تبني استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز المبادرات السابقة في مضمار حقوق المرأة الإنسانية، وتشتمل أهداف البرنامج على ما يلي:
أ- تعزيز قدرات المنظمات النسائية العاملة في مجال حقوق الإنسان في أنحاء العالم كافة.
ب- زيادة وصول النساء إلى الاستخدام الفعال لآليات حقوق الإنسان.
ج- تعزيز مسؤولية المجتمعات المحلية والدولية فيما يتعلق بحماية الحقوق الإنسانية للنساء.
وتتضمن جوانب برنامج اليونيفيم لحقوق المرأة الإنسانية الأمور التالية:
- تقديم الدعم المالي والفني المباشر إلى المنظمات النسائية غير الحكومية.
- توفير التدريب الشامل ونشر المعلومات والمواد التعليمية حول اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
- العمل من خلال منظومة الأمم المتحدة، وبالتعاون مع الحكومات على دمج قضايا الجندر.
وقد توجت منظمة اليونيفيم جهودها في مجال حقوق الإنسان بالمبادرة إلى إنشاء صندوق الائتمان، لدعم الأنشطة الرامية إلى القضاء على العنف ضد النساء في عام 1997م، والذي أسس بقرار من الجمعية العمومية في عام 1996م.
وينحصر الهدف الرئيسي للصندوق في تحديد ودعم المشاريع الريادية الهادفة إلى منع والقضاء على العنف الواقع على النساء.
وقفة للنقد:
لا يصعب على الباحث ملاحظة إمكانات اليونيفيم الذي يتمتع بسلطة سياسية نظرًا لصفته الدولية، وانتمائه للأمم المتحدة، والتي تخوله تحقيق أهدافه ودعم المؤسسات والشبكات النسائية في العالم (مالياً وفنياً)، وتعليم النساء أساليب التفاوض للضغط على حكوماتهن؛ واللاتي يمكن أن يكنّ أوراق ضغط حين الحاجة لتحقيق أغراض سياسية خارجية.. بل إن تلك السلطة التي يتمتع بها اليونيفيم تخوله تقديم دعم (فني) للحكومات!
ومن المهم أن نلحظ المفاهيم المركزية لهذا التنظيم، والتي تشكل أهدافاً يتم السعي لتحقيقها، وهي: تمكين المرأة اقتصاديًّا، والتمكين السياسي، والوصول إلى مواقع القرار (بالطبع سيكون هنالك وفاء للواصلات برعاية مصالح من أوصلهن للسلطة!) والحقوق الإنسانية (بالمفهوم الغربي) وبالتحديد مفهوم العنف والتمييز ضد النساء، (يدخل فيه: القوامة، والسلطة، والنفقة، وحق التصرف بحرية مطلقة...)، والجندر هذا المفهوم الذي يثير كثيراً من الإشكالات الدينية والثقافية، وسيتم تناولها في المطلب التالي كنموذج لإفرازات المنظمات النسوية.
النموذج الثاني: الجندر، أو الجندرة:
هذا المفهوم تنبع إشكالية التعامل معه من خلال البحث والحكم؛ بسبب تعريفه، فأول ظهور حقيقي له - وإن كان قد ذكر في مؤتمر القاهرة للتنمية والإسكان عام 1994م - إلا أن ظهوره الحقيقي كان مع المؤتمر الدولي الرابع حول المرأة والذي عُقد في بكين 1995 م يعدُّ من أهم المؤتمرات النسوية .. وفيه خرجت أكبر تظاهرة مؤتمرية نسوية مكونة من "7000 امرأة" تنادي بحقوق السحاقيات أو الشواذ ، وتعتبر وثيقة بكين هي قاعدة العمل لمخططات الصندوق وقرارات المؤتمرات السابقة وخاصة مؤتمر القاهرة، وقاعدة التحرك الهامة لمخططات النسوية النوعية.
وبعد ذلك شاع استعمال مصطلح "الجندر" أو "الجندرة" في أدبيات عديد من الأقلام - خاصة النسوية التغريبية ـ وتم تداوله على نطاق كبير بمعنى مخالف لمعناه الحقيقي الذي يذكر في المراجع العلمية كما سأبين بعد قليل.. والغريب في الأمر أن غالب هذه الأقلام لا يعوزها سعة الإطلاع ولا حسن الفهم، الشيء الذي يجعل تغليب حسن الظن أمراً متكلفاً.
معنى مصطلح الجندر:
أصل المصطلح هو الكلمة الإنجليزية "Gender"، وتعرف الموسوعة البريطانية الهوية الجندرية "Gender Identity" بأنها: شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى، وفي الأعم الأغلب فإن الهوية الجندرية تطابق الخصائص العضوية، لكن هناك حالات لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافق بين الصفات العضوية وهويته الجندرية (أي شعوره الشخصي بالذكورة أو الأنوثة)… وتواصل التعريف بقولها: "إن الهوية الجندرية ليست ثابتة بالولادة - ذكر أو أنثى - بل تؤثر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهوية الجندرية، وهي تتغير وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية كلما نما الطفل.
هذا يعني أن الفرد من الذكور إذا تأثر في نشأته بأحد الشواذ جنسياً فإنه قد يميل إلى جنس الذكور لتكوين أسرة بعيداً عن الإناث، ليس على أساس عضوي فسيولوجي، وإنما على أساس التطور الاجتماعي لدوره الجنسي والاجتماعي، وكذلك الأمر بالنسبة للفرد من الإناث؟!
وتواصل الموسوعة البريطانية تعريفها للجندر: "كما أنه من الممكن أن تتكون هوية جندرية لاحقة أو ثانوية لتتطور وتطغى على الهوية الجندرية الأساسية - الذكورة أو الأنوثة - حيث يتم اكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة، إذ إن أنماط السلوك الجنسي وغير النمطية منها أيضاً تتطور لاحقاً حتى بين الجنسين"!!
أما منظمة "الصحة العالمية" فتعرفه بأنه: "المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية"، بمعنى أن كونك ذكراً أو أنثى عضوياً ليس له علاقة باختيارك لأي نشاط جنسي قد تمارسه؛ فالمرأة ليست امرأة إلا لأن المجتمع أعطاها ذلك الدور، ويمكن حسب هذا التعريف أن يكون الرجل امرأة.. وأن تكون المرأة زوجاً تتزوج امرأة من نفس جنسها، وبهذا تكون قد غيرت صفاتها الاجتماعية وهذا الأمر ينطبق على الرجل أيضاً.
تحريف التعريف
أين هذا التعريف مما يقدمه لنا دعاة الجندرة؟! إنهم يقدمون المصطلح بمعنى تحرير المرأة وترقية دورها في التنمية، وبمعنى السعي لأجل إدخال إصلاحات لزيادة مساهمة المرأة في العمل وزيادة دخلها، ونحو ذلك، وإن زادوا في الإنصاف عرّفوا المصطلح تعريفاً غامضاً مبتسراً، وذلك بقولهم: (..مصطلح الجندر يعني الفروق بين الجنسين على أسس ثقافية واجتماعية، وليس على أساس بيولوجي فسيولوجي..)( )، وترجمة المصطلح للعربية تختلف من مكان لآخر، فبعضهم يترجمه بـ "النوع الاجتماعي" والبعض الآخر يجعله مرادفاً لكلمة Sex أي: جنس، والأغلب الأعم يكتفي من ترجمة الكلمة بتحويل الأحرف الإنجليزية إلى مقابلاتها في العربية!
هذا الغموض المتعمد لترجمة مصطلح الجندر للغة العربية كان واضحاً في كل وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، بل إن النسخة الإنجليزية لمؤتمر بكين الدولي ذكرت المصطلح 254 مرّة دون أن تعرفه!! وتحت ضغط الدول المحافظة تم تشكيل فريق عمل لتعريفه وخرجت لجنة التعريف بعدم تعريف المصطلح!
أما في مؤتمر روما لإنشاء المحكمة الدولية عام 1998 فقد وردت عبارة:"كل تفرقة أو عقاب على أساس "الجندر" تشكل جريمة ضد الإنسانية"، وبعد اعتراض الدول العربية تم تغيير كلمة Gender لكلمة Sex في النسخة العربية وبقي الأصل الإنجليزي، كما هو. والدعوة بعد مطروحةٌ لدعاةِ الجندرة أن يُعرِّفوها لنا إن كان لهم تعريف يخالف ما ذكرته الموسوعات اللغوية والمنظمات الصحية.
إن دعاة الجندرة في عالمنا الإسلامي - أدركوا أم لم يدركوا - يروجون لأفكار خطيرة أهما:
أولاً: رفض أن اختلاف الذكر والأنثى هو مِن صنع الله (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) [سورة النجم: 45-46].
ثانياً: فرض فكرة حق الإنسان في تغيير هويته الجنسية وأدواره المترتبة عليها.
ثالثاً: العمل على إضعاف الأسرة الشرعية التي هي لبنة بناء المجتمع السليم المترابط، ومحضن التربية الصالحة ومركز القوة الروحية ومفخرة الشعوب المسلمة في عصر الانحطاط المادي.
رابعاً: التقليد الأعمى للاتجاهات الجنسية الغربية المتطرفة، التي امتدت حتى شملت الموقف من الذات الإلهية في بعض الأحيان، فكما سمعنا أن جمعية الكتاب المقدس أصدرت ترجمة جديدة للكتاب المقدس تتسم بالحيادية في مخاطبة الجندر، وسمعنا في مؤتمر صنعاء المشار إليه آنفاً من تقول: "إن أقدم كتاب كرّس محو الأنثى وكرّس سلطة الذكورية كان في التوراة ابتداء بفكرة الله المذكرة" (تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً).
خامساً: إذكاء روح العداء بين الجنسين وكأنهما متناقضان متنافران، ويكفي لتأييد هذا الاتجاه مراجعة أوراق "المؤتمر الدولي لتحديات الدراسات النسوية في القرن الحادي والعشرين" الذي نظمه مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية في جامعة صنعاء باليمن؛ فقد كان مما جاء فيه الاعتراض على كثرة وجود اسم الإشارة للمذكر في اللغة العربية أكثر من المؤنث، وكذلك ضمائر المخاطبة للمذكر أكثر منها للمؤنث.
إن آثار اليونيفيم والجندر، على هوية المرأة السوية والإنسانية اللصيقة بفطرتها، تهدد الإنسان بمظهرية، الذكر والأنثى، إن لم يعي من يعنيه شأن الإنسان حقيقة مايجري بسببهما وإلى أين تصل الأسرة أصل المجتمع عبرهما، فإن الانحدار يهدد الجميع.[/color]
]/color]
المرأة لها هويتها الثقافية كإنسان، تشترك فيها مع شقيقها الرجل، وتفارقه في الجنس الذي فطرهم الله عليه، {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى} [سورة النجم: 45-46].
لقد جاء الإسلام بالمساواة بين الرجل والمرأة في التكاليف من اعتقاد وعمل وآداب ومعاملات، وجُمع في المُنزل التشريعي بين ذِكْرِ الرجال والنساء، قال ال[color:0ced=greenااcolor=green]له تعالى: (كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [سورة النحل 97/16].نَ وَامَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا
وقال: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِيلْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) [سورة الأحزاب 33/35].
وأعلنت حقوق المرأة في الإسلام
وقال في الترغيب (مِّ آية:( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكُيمٌ)فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم [سورة البقرة2/228].ن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ)[سورة آل عمران3/195].
وقال في الترهيب: (لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا)[سورةالأحزاب33/73]
وفي شأن الآداب والصيانة:( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {30} وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [سورة النور24/31].
وحسبنا أن المبايعة على الإسلام والتزام أحكامه أول ما جاءت خاطبت النساء، قال تعالى:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ..} فكان النبي – صلى الله عليه وسلم- إذا بايع الرجالَ بايعهم بمثل هذه الصيغة بعد تحويل الضمائر إلى ضمائر التذكير، وقد شمل قوله "وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ" جميع الشريعة التي جاء بها الرسول – صلى الله عليه وسلم-، إلا الأحكام التي قامت الأدلة على استثناء النساء منها.
ثم إن ملاَك الأحكام التي ثبتت فيها التفرقة بين الرجال والنساء هو الرجوع إلى حكم الفطرة، فإذا كان بين الجنسين فوارق جِبِلِّية من شأنها أن تؤثر تفرقة في اكتساب الأعمال أو إتقانها، كانت تؤثر تفرقة في أسباب الخطاب بالأحكام الشرعية بحسب غالب أحوال الصنف ولا التفات إلى النادر (فلا عبرة بالمرأة المترجلة كما لا عبرة بالرجل المخنث)، فكما حرمت المرأة من الجهاد حرم الرجل من الحضانة.
أثر مؤتمرات المرأة العالمية، والاتفاقيات الدولية على المرأة المسلمة:
هذه المنظمات معروف أنها تحت إشراف مجموعة من أصحاب التوجهات المنحرفة عن فطرة البشر، وكل منها له توجهه وأجندته، فإن الأجندة النسوية ذاتها ليست متوحدة، فهناك النسوية الليبرالية وأخرى ذات الجذور الماركسية، وثالثة متعصبة للأنثى والأنوثة، معادية للذكور، ورابعة دينية مسيحية محافظة، كما أن هناك نسوية تنقد المظالم السياسية والاجتماعية ولا تركز فقط على حقوق المرأة.
وسأعرض هنا نموذجين مشتركين في الهدف، ومن خلال عرضهما يتبين مدى تنافيهما مع هوية المرأة المسلمة، النموذج الأول يمثل أداة من أدوات العولمة الثقافية وهي: المنظمات، وسأعرض منظمة (اليونيفيم) نموذجاً للمنظمات، وبعد ذلك أعرض نموذجاً من إفراز هذه المنظمات والمؤتمرات وهو (الجندر).
النموذج الأول: صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة "اليونيفيم"
وهي منظمة مستقلة ترتبط ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، باشر صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة برنامجه في منطقة غربي آسيا في عام 1994م، عندما تم افتتاح المكتب الإقليمي في عمّان. ويشمل نطاق عمل البرنامج (الذي يهدف إلى دعم تقدم المرأة) ثلاث عشرة دولة عربية، هي الدول التالية: الأردن والإمارات العربية والبحرين واليمن والكويت ولبنان ومصر وسوريا والعراق والسعودية وعمان وفلسطين وقطر.
تلتزم اليونيفيم بالسعي لتعزيز البناء المؤسسي للمنظمات والشبكات النسائية، من أجل تمكين النساء أنفسهن وتزويدهن بمهارات التفاوض للحصول على سياسات جديدة وأفضل من قبل حكوماتهن ومن المنظمات الدولية.
كما تقدم اليونيفيم الدعم الفني إلى الحكومات من أجل تشجيع الحوار بين هذه الحكومات من جهة والمنظمات النسائية من جهة أخرى.
وينصب اهتمام اليونيفيم على المحاور الثلاثة التالية ذات الاهتمام الحاسم:
- تعزيز القدرات الاقتصادية للنساء، كمبادِرات للأنشطة الريادية ومنْتِجات، وخصوصًا في إطار أجندة التجارة العالمية وظهور التقنيات الجديدة.
- تحقيق توازن جنسوي في المؤسسات ومراكز صنع القرار التي تؤثر على حياتهن.
- نشر الوعي بالحقوق الإنسانية للمرأة، والقضاء على جميع أشكال العنف ضدها، والعمل على توجيه عملية التنمية نحو السلام والعدل والاستدامة.
بعض أهداف برنامج غرب آسيا:
1- تعزيز القدرات الاقتصادية للمرأة من خلال تصميم برامج تدعم وصولها إلى قطاع المشاريع الصغيرة والجزئية، وضمان توفير الخدمات الداعمة لها.
2- دعم القدرات المؤسسية على الصعيد الوطني في مجالات التخطيط الجندري وإدماج قضايا الجندر، والأنشطة التنموية المبنية على أساس الجندر.
3- القيام بدور داعم من خلال منظومة الأمم المتحدة والجهات المانحة للسعي نحو دمج قضايا الجندر في برامج التنمية.
4- زيادة الوعي بين صفوف النساء وفي المجتمعات المحلية حول حقوق المرأة التي تنص عليها الاتفاقيات الدولية من أجل مكافحة العنف والتمييز اللذين يمارسَان ضدها، ودعم مشاركة المرأة في عمليات صنع القرار.
ثم أنشأ صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة برنامج حقوق المرأة الإنسانية؛ انعكاسًا للالتزام الذي ينتهجه الصندوق نحو تبني استراتيجية طويلة الأمد لتعزيز المبادرات السابقة في مضمار حقوق المرأة الإنسانية، وتشتمل أهداف البرنامج على ما يلي:
أ- تعزيز قدرات المنظمات النسائية العاملة في مجال حقوق الإنسان في أنحاء العالم كافة.
ب- زيادة وصول النساء إلى الاستخدام الفعال لآليات حقوق الإنسان.
ج- تعزيز مسؤولية المجتمعات المحلية والدولية فيما يتعلق بحماية الحقوق الإنسانية للنساء.
وتتضمن جوانب برنامج اليونيفيم لحقوق المرأة الإنسانية الأمور التالية:
- تقديم الدعم المالي والفني المباشر إلى المنظمات النسائية غير الحكومية.
- توفير التدريب الشامل ونشر المعلومات والمواد التعليمية حول اتفاقية القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
- العمل من خلال منظومة الأمم المتحدة، وبالتعاون مع الحكومات على دمج قضايا الجندر.
وقد توجت منظمة اليونيفيم جهودها في مجال حقوق الإنسان بالمبادرة إلى إنشاء صندوق الائتمان، لدعم الأنشطة الرامية إلى القضاء على العنف ضد النساء في عام 1997م، والذي أسس بقرار من الجمعية العمومية في عام 1996م.
وينحصر الهدف الرئيسي للصندوق في تحديد ودعم المشاريع الريادية الهادفة إلى منع والقضاء على العنف الواقع على النساء.
وقفة للنقد:
لا يصعب على الباحث ملاحظة إمكانات اليونيفيم الذي يتمتع بسلطة سياسية نظرًا لصفته الدولية، وانتمائه للأمم المتحدة، والتي تخوله تحقيق أهدافه ودعم المؤسسات والشبكات النسائية في العالم (مالياً وفنياً)، وتعليم النساء أساليب التفاوض للضغط على حكوماتهن؛ واللاتي يمكن أن يكنّ أوراق ضغط حين الحاجة لتحقيق أغراض سياسية خارجية.. بل إن تلك السلطة التي يتمتع بها اليونيفيم تخوله تقديم دعم (فني) للحكومات!
ومن المهم أن نلحظ المفاهيم المركزية لهذا التنظيم، والتي تشكل أهدافاً يتم السعي لتحقيقها، وهي: تمكين المرأة اقتصاديًّا، والتمكين السياسي، والوصول إلى مواقع القرار (بالطبع سيكون هنالك وفاء للواصلات برعاية مصالح من أوصلهن للسلطة!) والحقوق الإنسانية (بالمفهوم الغربي) وبالتحديد مفهوم العنف والتمييز ضد النساء، (يدخل فيه: القوامة، والسلطة، والنفقة، وحق التصرف بحرية مطلقة...)، والجندر هذا المفهوم الذي يثير كثيراً من الإشكالات الدينية والثقافية، وسيتم تناولها في المطلب التالي كنموذج لإفرازات المنظمات النسوية.
النموذج الثاني: الجندر، أو الجندرة:
هذا المفهوم تنبع إشكالية التعامل معه من خلال البحث والحكم؛ بسبب تعريفه، فأول ظهور حقيقي له - وإن كان قد ذكر في مؤتمر القاهرة للتنمية والإسكان عام 1994م - إلا أن ظهوره الحقيقي كان مع المؤتمر الدولي الرابع حول المرأة والذي عُقد في بكين 1995 م يعدُّ من أهم المؤتمرات النسوية .. وفيه خرجت أكبر تظاهرة مؤتمرية نسوية مكونة من "7000 امرأة" تنادي بحقوق السحاقيات أو الشواذ ، وتعتبر وثيقة بكين هي قاعدة العمل لمخططات الصندوق وقرارات المؤتمرات السابقة وخاصة مؤتمر القاهرة، وقاعدة التحرك الهامة لمخططات النسوية النوعية.
وبعد ذلك شاع استعمال مصطلح "الجندر" أو "الجندرة" في أدبيات عديد من الأقلام - خاصة النسوية التغريبية ـ وتم تداوله على نطاق كبير بمعنى مخالف لمعناه الحقيقي الذي يذكر في المراجع العلمية كما سأبين بعد قليل.. والغريب في الأمر أن غالب هذه الأقلام لا يعوزها سعة الإطلاع ولا حسن الفهم، الشيء الذي يجعل تغليب حسن الظن أمراً متكلفاً.
معنى مصطلح الجندر:
أصل المصطلح هو الكلمة الإنجليزية "Gender"، وتعرف الموسوعة البريطانية الهوية الجندرية "Gender Identity" بأنها: شعور الإنسان بنفسه كذكر أو أنثى، وفي الأعم الأغلب فإن الهوية الجندرية تطابق الخصائص العضوية، لكن هناك حالات لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافق بين الصفات العضوية وهويته الجندرية (أي شعوره الشخصي بالذكورة أو الأنوثة)… وتواصل التعريف بقولها: "إن الهوية الجندرية ليست ثابتة بالولادة - ذكر أو أنثى - بل تؤثر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهوية الجندرية، وهي تتغير وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية كلما نما الطفل.
هذا يعني أن الفرد من الذكور إذا تأثر في نشأته بأحد الشواذ جنسياً فإنه قد يميل إلى جنس الذكور لتكوين أسرة بعيداً عن الإناث، ليس على أساس عضوي فسيولوجي، وإنما على أساس التطور الاجتماعي لدوره الجنسي والاجتماعي، وكذلك الأمر بالنسبة للفرد من الإناث؟!
وتواصل الموسوعة البريطانية تعريفها للجندر: "كما أنه من الممكن أن تتكون هوية جندرية لاحقة أو ثانوية لتتطور وتطغى على الهوية الجندرية الأساسية - الذكورة أو الأنوثة - حيث يتم اكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة، إذ إن أنماط السلوك الجنسي وغير النمطية منها أيضاً تتطور لاحقاً حتى بين الجنسين"!!
أما منظمة "الصحة العالمية" فتعرفه بأنه: "المصطلح الذي يفيد استعماله وصف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية"، بمعنى أن كونك ذكراً أو أنثى عضوياً ليس له علاقة باختيارك لأي نشاط جنسي قد تمارسه؛ فالمرأة ليست امرأة إلا لأن المجتمع أعطاها ذلك الدور، ويمكن حسب هذا التعريف أن يكون الرجل امرأة.. وأن تكون المرأة زوجاً تتزوج امرأة من نفس جنسها، وبهذا تكون قد غيرت صفاتها الاجتماعية وهذا الأمر ينطبق على الرجل أيضاً.
تحريف التعريف
أين هذا التعريف مما يقدمه لنا دعاة الجندرة؟! إنهم يقدمون المصطلح بمعنى تحرير المرأة وترقية دورها في التنمية، وبمعنى السعي لأجل إدخال إصلاحات لزيادة مساهمة المرأة في العمل وزيادة دخلها، ونحو ذلك، وإن زادوا في الإنصاف عرّفوا المصطلح تعريفاً غامضاً مبتسراً، وذلك بقولهم: (..مصطلح الجندر يعني الفروق بين الجنسين على أسس ثقافية واجتماعية، وليس على أساس بيولوجي فسيولوجي..)( )، وترجمة المصطلح للعربية تختلف من مكان لآخر، فبعضهم يترجمه بـ "النوع الاجتماعي" والبعض الآخر يجعله مرادفاً لكلمة Sex أي: جنس، والأغلب الأعم يكتفي من ترجمة الكلمة بتحويل الأحرف الإنجليزية إلى مقابلاتها في العربية!
هذا الغموض المتعمد لترجمة مصطلح الجندر للغة العربية كان واضحاً في كل وثائق مؤتمرات الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، بل إن النسخة الإنجليزية لمؤتمر بكين الدولي ذكرت المصطلح 254 مرّة دون أن تعرفه!! وتحت ضغط الدول المحافظة تم تشكيل فريق عمل لتعريفه وخرجت لجنة التعريف بعدم تعريف المصطلح!
أما في مؤتمر روما لإنشاء المحكمة الدولية عام 1998 فقد وردت عبارة:"كل تفرقة أو عقاب على أساس "الجندر" تشكل جريمة ضد الإنسانية"، وبعد اعتراض الدول العربية تم تغيير كلمة Gender لكلمة Sex في النسخة العربية وبقي الأصل الإنجليزي، كما هو. والدعوة بعد مطروحةٌ لدعاةِ الجندرة أن يُعرِّفوها لنا إن كان لهم تعريف يخالف ما ذكرته الموسوعات اللغوية والمنظمات الصحية.
إن دعاة الجندرة في عالمنا الإسلامي - أدركوا أم لم يدركوا - يروجون لأفكار خطيرة أهما:
أولاً: رفض أن اختلاف الذكر والأنثى هو مِن صنع الله (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * مِن نُّطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) [سورة النجم: 45-46].
ثانياً: فرض فكرة حق الإنسان في تغيير هويته الجنسية وأدواره المترتبة عليها.
ثالثاً: العمل على إضعاف الأسرة الشرعية التي هي لبنة بناء المجتمع السليم المترابط، ومحضن التربية الصالحة ومركز القوة الروحية ومفخرة الشعوب المسلمة في عصر الانحطاط المادي.
رابعاً: التقليد الأعمى للاتجاهات الجنسية الغربية المتطرفة، التي امتدت حتى شملت الموقف من الذات الإلهية في بعض الأحيان، فكما سمعنا أن جمعية الكتاب المقدس أصدرت ترجمة جديدة للكتاب المقدس تتسم بالحيادية في مخاطبة الجندر، وسمعنا في مؤتمر صنعاء المشار إليه آنفاً من تقول: "إن أقدم كتاب كرّس محو الأنثى وكرّس سلطة الذكورية كان في التوراة ابتداء بفكرة الله المذكرة" (تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً).
خامساً: إذكاء روح العداء بين الجنسين وكأنهما متناقضان متنافران، ويكفي لتأييد هذا الاتجاه مراجعة أوراق "المؤتمر الدولي لتحديات الدراسات النسوية في القرن الحادي والعشرين" الذي نظمه مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية في جامعة صنعاء باليمن؛ فقد كان مما جاء فيه الاعتراض على كثرة وجود اسم الإشارة للمذكر في اللغة العربية أكثر من المؤنث، وكذلك ضمائر المخاطبة للمذكر أكثر منها للمؤنث.
إن آثار اليونيفيم والجندر، على هوية المرأة السوية والإنسانية اللصيقة بفطرتها، تهدد الإنسان بمظهرية، الذكر والأنثى، إن لم يعي من يعنيه شأن الإنسان حقيقة مايجري بسببهما وإلى أين تصل الأسرة أصل المجتمع عبرهما، فإن الانحدار يهدد الجميع.[/color]
soufyane- نائب المدير
- عدد مشآرڪآتي: : 237
عًٍـمـًرٌٍيَے• : 36
جْــنــسِےْ• :
بَــــلـــَـدِے• : الجزائر
نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 751
تاريخ التسجيل : 10/04/2009
رد: هوية المراة بين نظرة الاسلام والتعريف العالمي
شكراااااا موضوع رائع
الله يتبتنا على الدين الاسلامي
الله يتبتنا على الدين الاسلامي
بسمة- مراقبة
- عدد مشآرڪآتي: : 2459
عًٍـمـًرٌٍيَے• : 29
جْــنــسِےْ• :
بَــــلـــَـدِے• : الجزائر ولاية تلمسان
نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 3306
تاريخ التسجيل : 18/12/2009
مواضيع مماثلة
» مكانة المراة في الاسلام
» مكانة المراة المسلمة في الاسلام
» لمادا يحرم الاسلام المراة من الزواج من غير مسلم ... بينما يسمح لها بالعكس
» المراة المسلمة في حماية الشريعة .. من الافضل المراة ام الرجل
» نظرة في الادارة العامة المقارنة ونشأتها
» مكانة المراة المسلمة في الاسلام
» لمادا يحرم الاسلام المراة من الزواج من غير مسلم ... بينما يسمح لها بالعكس
» المراة المسلمة في حماية الشريعة .. من الافضل المراة ام الرجل
» نظرة في الادارة العامة المقارنة ونشأتها
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى