من قصص الحياة
3 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
من قصص الحياة
فصل من قصص الحياة
تأملت أحوال الناس في حالة علو شأنهم فرأيت أكثر الخلق تبين خسارتهم حينئذ.
فمنهم من بالغ في المعاصي من الشباب ومنهم من فرط في اكتساب العلم ومنهم من أكثر من فكلهم نادم في حالة الكبر حين فوات الاستدراك لذنوب سلفت أو قوى ضعفت أو فضيلة فاتت فيمضي زمان الكبر في حسرات.
فإن كانت للشيخ إفاقة من ذنوب قد سلفت قال واأسفا على ما جنيت.
وإن لم يكن له إفاقة صار متأسفاً على فوات ما كان يلتذ به.
فأما من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جني ما غرس ويلتذ بتصنيف ما جمع ولا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئاً بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم.
هذا مع وجود لذاته في الطلب الذي كان تأمل به إدراك المطلوب.
وربما كانت تلك الأعمال أطيب مما نيل منها كما قال الشاعر: اهتز عند تمني وصلها طريا ورب أمنية أحلى من الظفر ولقد تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه.
ثم تأملت حالي فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم وجاهي بين الناس أعلى من جاههم.
وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم.
فقلت له: أيها الجاهل تقطيع الأيدي لا وقع له عند رؤية يوسف.
وما طالت طريق أدت إلى صديق: جزى اللّه المسير إليه خيراً وإن ترك المطايا كالمزاد ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو.
كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث وأقعد على نهر عيسى فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء.
فكلما أكلت لقمة شربت عليها وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم.
فأثمر ذلك عندي أني عرفت بكثرة سماعي لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأحواله وآدابه وأحوال أصحابه وتابعيهم فصرت في معرفة طريقه كابن أجود.
وأثمر ذلك عندي من المعاملة ما لا يدري بالعلم حتى أنني أذكر في زمان الصبوة ووقت الغلمة والعكلة قدرتي على أشياء كانت النفس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلم من خوف الله عز وجل.
ولولا خطايا لا يخلو منها البشر لقد كنت أخاف على نفسي من العجب.
غير أنه عز وجل صانني وعلمني وأطلعني من أسرار العلم معرفته وإيثار الخلوة به حتى أنه لو حضر معي معروف وبشر لرأيتها رحمة.
ثم عاد فغمسني في التقصير والتفريط حتى رأيت أقل الناس خيراً مني.
وتارة يوقظني لقيام الليل ولذة مناجاته وتارة يحرمني ذلك مع سلامة بدني.
ولولا بشارة العلم بأن هذا نوع تهذيب وتأديب لخرجت إما إلى العجب عند العمل وإما إلى اليأس عند البطالة.
لكن رجائي في فضله قد عادل خوفي منه.
وقد يغلب الرجاء بقوة أسبابه لأني رأيت أنه قد رباني منذ كنت طفلاً فإن أبي مات وأنا لا أعقل والأم لم تلتفت إلي.
فركز في طبعي حب العلم.
وما زال يوقعني على المهم فالمهم ويحملني إلى من يحملني على الأصوب حتى قوم أمري.
وكم قد قصدني عدو فصده عني.
وإذ رأيته قد نصرني وبصرني ودافع عني ووهب لي قوى رجائي في المستقبل بما قد رأيت في الماضي.
ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف وأسلم على يدي أكثر من مائتي نفس.
ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام.
وربما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصيري وزللي.
ولقد جلست يوماً فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه.
أو دمعت عينه.
فقلت لنفسي: كيف بك إن نجوا وهلكت: فصحت بلسان وجدي: إلهي وسيدي إن قضيت علي بالعذاب غداً فلا تعلمهم بعذابي صيانة لكرمك لا لأجلي لئلا يقولوا عذب من دل عليه.
إلهي قد قيل لنبيك صلى الله عليه وسلم.
أقتل ابن أبي المنافق فقال: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.
إلهي فاحفظ حسن عقائدهم في بكرمك أن تعلمهم بعذاب الدليل عليك.
حاشاك والله يا رب من تكدير الصافي.
لا تبر عوداً أنت ريّشته حاشا لباني الجود أن ينقضا لا تعطش الزرع الذي نبته بصوب إنعامك قد روضا فصل اللذة بين الواقع والخيال من الأمور التي تخفي على العاقل أن يرى أنه متى لم تكن عنده امرأة أو جارية يهواها هوى شديداً أنه لا يلتذ في الدنيا.
فإذا صور محبوباً مملوكاً تخايل لذة عظيمة.
وإذا كان عنده من لا يميل إليه اعتقد نفسه محروماً.
وهذا أمر شديد الخفاء فينبغي أن يوضح.
وهو أن المملوك مملول.
ومتى قدر الإنسان على ما يشتهيه مله ومال إلى غيره.
تارة لبيان عيوبه التي تكشفها المخالطة فإنه قد قال الحكماء.
العشق يعمي عن عيوب المحبوب.
وتارة لمكان القدرة عليه والنفس لا تزال تتطلع إلى ما لا تقدر عليه.
ثم لو قدرنا دوام المحبة مع القدرة فإنها قد تكون ولكن ناقصة بمقدار القدرة وإنما يقويها تجني المحبوب.
فيكون تجنيه كالامتناع أو امتناعه من الموافقة.
فإذا صفا فلا بد من أكدار منها الحذر عليه ومنها قلة ميله إلى هذا العاشق وربما يتكلف القرب منه ويعلم الإنسان بقلة ميل محبوبه إليه فينغص بل يبغض.
فإن خاف منه خيانة احتاج إلى حراسة فقويت النغص.
وأصلح المقامات التوسط وهو اختيار ما تميل النفس إليه ولا يرتقي إلى مقام العشق فإن العاشق في عذاب.
وإنما يتخايل الفارغ من العشق التذاذ العاشق وليس كذلك.
فإنه كما قيل: وما في الأرض أشقى من محب وإن وجد الهوى عذب المذاق تراه باكياً في كل وقت مخافة فرقة أو لاشتياق فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم ويبكي إن دنوا خوف الفراق فتسخن عينه عند التداني وتسخن عينه عند الفراق فصل تفاوت الهمم والآمال ما ابتلي الإنسان قط بأعظم من علو همته.
فإن من علت همته يختار المعالي.
وربما لا يساعد الزمان وقد تضعف الآلة فيبقى في عذاب.
وإني أعطيت من علو الهمة طرفاً فأنابه في عذاب ولا أقول ليته لم يكن فإنه إنما يحلو العيش بقدر عم العقل والعاقل لا يختار زيادة اللذة بنقصان العقل.
ولقد رأيت أقواماً يصفون علو هممهم فإذا بها في فن واحد.
ولا يبالون بالنقص فيما هو أهم قال الرضي: فنظرت فإذا غاية أمله الإمارة.
وكان أبو مسلم الخراساني في حال شبيبته لا يكاد ينام فقيل له في ذلك فقال: ذهن صاف وهم بعيد ونفس تتوق إلى معالي الأمور مع عيش كعيش الهمج الرعاع.
قيل: فما الذي يبرد غليلك.
قال: الظفر بالملك.
قيل: فاطلبه قال: لا يطلب إلا بالأهوال.
قيل: فاركب الأهوال قال.
العقل مانع.
قيل: فما تصنع قال: سأجعل من عقلي جهلاً وأحاول به خطراً لا ينال إلا بالجهل وأدبر بالعقل ما لا يحفظ إلا به فإن الخمول أخو العدم.
فنظرت إلى حال هذا المسكين فإذا هو قد ضيع أهم المهمات وهو جانب الآخرة وانتصب في طلب الولايات.
فكم فتك وقتل حتى نال بعض مراده من لذات الدنيا.
ثم لم يتنعم في ذلك غير ثمان سنين.
ثم اغتيل ونسي تدبير العقل فقتل ومضى إلى الآخرة على أقبح حال.
وكان المتنبي يقول: وفي الناس من يرضى بميسور عيشه ومركوبه رجلاه والثوب جلده ولكن قلباً - بين جنبي - ما له مدى ينتهي بي في مراد أحدّه فتأملت هذا الآخر فإذا نهمته فيما يتعلق بالدنيا فحسب.
ونظرت إلى علو همتي فرأيتها عجباً.
وذلك أنني أروم من العلم ما أتيقن أني لا أصل إليه لأنني أحب نيل كل العلوم على اختلاف فنونها.
وأريد استقصاء كل فن هذا أمر يعجز العمر عن بعضه.
فإن عرض لي ذو همة في فن قد بلغ منتهاه رأيته ناقصاً في غيره.
فلا أعد همته تامة.
مثل المحدث فاته الفقه.
والفقيه فاته علم الحديث.
فلا أرى الرضى بنقصان من العلوم إلا حادثاً عن نقصه الهمة.
ثم إني أروم نهاية العمل بالعلم فأتوق إلى ورع بشر وزهادة معروف وهذا مع مطالعة التصانيف وإفادة الخلق ومعاشرتهم بعيد.
ثم إني أروم الغني عن الخلق وأستشرف الإفضال عليهم والاشتغال بالعلم مانع من الكسب.
وقبول المنن مما تأباه الهمة العالية.
ثم إني أتوق إلى طلب الأولاد كما أتوق إلى تحقيق التصانيف ليبقى الخلفان نائبين عني بعد التلف.
وفي طلب ذلك ما فيه من شغل القلب المحب للتفرد.
ثم إني أروم الاستمتاع بالمستحسنات وفي ذلك امتناع من جهة قلة المال ثم لو حصل فرق جمع وكذلك أطلب لبدني ما يصلحه من المطاعم والمشارب فإنه متعود للترفه واللطف وفي قلة المال مانع وكل ذلك جمع بين أضداد.
فأين أنا وما وصفته من حال من كانت غاية همته الدنيا.
وأنا لا أحب أن يخدش حصول شيء من الدنيا وجه ديني بسبب.
ولا أن يؤثر في علمي ولا في عملي.
فواقلقي من طلب قيام الليل وتحقيق الورع مع إعادة العلم وشغل القلب بالتصانيف.
وتحصيل ما يلائم البدن من المطاعم.
وواأسفي على ما يفوتني من المناجاة في الخلوة مع ملاقاة الناس وتعليمهم.
ويا كدر الورع مع طلب ما لا بد منه للعائلة.
غير أني قد استسلمت لتعذيبي ولعل تهذيبي في تعذيبي لأن علو الهمة تطلب المعالي المقربة إلى الحق عز وجل.
وربما كانت الحيرة في الطلب غليلاً إلى المقصود.
وها أنا أحفظ أنفاسي من أن يضيع منها نفس في غير فائدة.
وإن بلغ همي مراده.
.
.
وإلا فنية المؤمن أبلغ من عمله.
لما سطرت هذا الفصل المتقدم رأيت أذكار النفس بما لا بد لها في الطريق منه.
وهو أنه لا بد لها من التلطف فإن قاطع مرحلتين في مرحلة خليق بأن يقف.
فينبغي أن يقطع الطريق بألطف ممكن.
وإذا تعبت الرواحل نهض الحادي يغنيها وأخذ الراحة للجد جد وغوص السباح في طلب الدر صعود.
ودوام السير يحسر الإبل والمفازة صعبة ومن أراد أن يرى التلطف بالنفس فلينظر في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه كان يتلطف بنفسه ويمازح ويخالط النساء ويقبل ويمص اللسان ويختار المستحسنات ويستعذب له الماء ويختار الماء البارد والأوفق من المطاعم كلحم الظهر والذراع والحلوى وهذا كله رفق بالناقة في طريق السير.
فأما من جرد عليها السوط فإنه يوشك أن لا يقطع الطريق.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى واعلم أنه ينبغي للعاقل أن يغالط نفسه فيما يكشف العقل عن عواره فإن فكر المتيقظ يسبق قبل مباشرة المرأة إلى أنها اعتناق بجسد يحتوي على قذارة وقيل بلع اللقمة إلى أنها متقلبة في الريق ولو أخرجها الإنسان لفظها.
ولو فكر في قرب الموت وما يجري عليه بعده لبغض عاجل لذته فلا بد من مغالطة تجري لينتفع الإنسان بعيشه كما قال لبيد: فأكذب النفس إذا حدثتها إن صدق النفس يزري بالأمل وقال البستي: أفد طبعك المكدود بالهم راحة تجمّ وعللّه بشيء من الزح ولكن إذا أعطيته ذاك فليكن بمقدار ما يعطي الطعام من الملح وقال أبو علي بن الشبل: وإذا هممت فناج نفسك بالمنى وعداً فخيرات الجنان عدات واجعل رجاءك دون يأسك جنة حتى تزول بهمّك الأوقات واستر عن الجلساء بثك إنما جلساؤك الحسّاد والشّمات ودع التوقع للحوادث إنه للحي - من قبل الممات - ممات فالهم ليس له ثبات مثل ما في أهله ما للسرور ثبات وقال أيضاً: يحفظ الجسم تبقى النفس فيه بقاء النار تحفظ بالوعاء فباليأس الممض فلا تمتها ولا تمدد لها طول الرجاء وعدها في شدائدها رخاء وذكرها الشدائد في الرخاء يعد صلاحها هذا وهذا وبالتركيب منفعة الدواء وقد كان عموم السلف يخضبون الشيب لئلا يرى الإنسان منهم ما يكره وإن كان الخضاب لا يعدم النفس علمها بذلك ولكنه نوع مخادعة للنفس.
وما زالت النفوس ترى الظاهر.
وإنما الفكر والعقل مع الغائب.
ولا بد من مغالطة تجري ليتم العيش.
ولو عمل العامل بمقتضى قصر الأمل ما كتب العلم ولا صنف.
فافهم هذا الفصل مع الذي تقدمه فإن الأول في مقام العزيمة وهذا في مكان الرخصة.
ولا بد للتعب من راحة وإعانة والله عز وجل معك على قدر صدق الطلب وقوة اللجأ وخلع الحول والقوة وهو الموفق.
قوام الآدمي بشيئين الحرارة والرطوبة.
ومن شأن الحرارة أن تحلل الرطوبة وتفنيها فالآدمي محتاج إلى تحصيل خلف للمتحلل.
فأبدان النشوء تغتذي بأكثر مما يتحلل منها.
والأبدان المتناهية تغتذي بمقدار ما يتحلل منها والأبدان التي قد أخذت في الهرم يتحلل منها أكثر مما تغتذي به.
ولا تتشبع مما تغتذي به وينبغي للناشيء البالغ أن يتحفظ في النكاح لأنه بعفته يربي قاعدة قوة يجد أثرها في الكبر.
وأما المتوسط والواقف السن فينبغي أن يحذر فضول الجماع فإن حصل له مثل ما يخرج منه فأسرف فاللازم أخذ من الحاصل ويوشك أن يسرع النفاد.
وأما الشيخ فترك النكاح كاللازم له خصوصاً إذا زاد علو السن لأنه ينفق من الجوهر الذي لا يحصل مثله أبداً.
ثم ينبغي أن ينظر العاقل في ماله فيكتسب أكثر مما ينفق ليكون الفاضل مدخراً لوقت العجز: وليحذر السرف فإن العدل هو الأصلح.
ثم ينظر في الزوجة والمطلوب منها شيئان: وجود الولد وتدبير المنزل فإذا كانت مبذرة فعيب لا يحتمل فإن انضمت صفة العقر فلا وجه للإمساك.
وإن كانت مما يحتاج أن تحفظ فتركها لازم.
فأما الخدم فليجتهد في تحصيل خادم لا تستعبده الشهوة فإن عبد الشهوة له مولى غير سيده.
ولينظر المالك في طبع المملوك فمنهم من لا يأتي إلا على الإكرام فليكرمه فإنه يربح محبته ومنهم من لا يأتي إلا على الإهانة فليداره وليعرض عن الذنوب.
فإن لم يمكن عاتب بلطف وليحذر العقوبة ما أمكن وليجعل للمماليك زمن راحة.
والعجب ممن يعني بدابته وينسى مداراة جاريته وأجود المماليك الصغار وكذلك الزوجات لأنهم متعودون خلق المشتري.
وليحفظ نفسه بالهيبة من الإنحراف مع الزوجة ولا يطلعها على ماله فإنها سفيهة تطلب كثرة الإنفاق.
وأما تدبير الأولاد فحفظهم من مخالطة تفسد مستقبلهم.
ومتى كان الصبي ذا أنفة - حيياً - رجى خيره.
وليحمل على صحبة الأشراف والعلماء وليحذر من مصاحبته للجهال والسفهاء فإن الطبع لص.
وليحذر الصبي من الكذب غالة التحذير ومن المخالطة للصبيان المعوجين.
فإذا بلغ فليزوج بصبية لم تعرف غيره فينتفعان.
هذه الإشارة إلى تدبير أمور الدنيا.
فأما تدبير العلم فينبغي أن يحمل الصبي من حين يبلغ خمس سنين على التشاغل بالقرآن والفقه وسماع الحديث.
وليحصل له المحفوظات أكثر من المسموعات لأن زمان الحفظ إلى خمس عشرة سنة فإذا بلغ تشتت همته فليضرب تارة ويرشى أخرى ليبلغ وقد حصل محفوظات سنية.
وأول ما ينبغي أن يكلف حفظ القرآن متقناً فإنه يثبت ويختلط باللحم والدم ثم مقدمة من النحو يعرف بها اللحن ثم الفقه مذهباً وخلافاً وما أمكن بعد هذا من العلوم فحفظه حسن.
وليحذر من عادات أصحاب الحديث فإنهم يفنون الزمان في سماع الأجزاء التي تتكرر فيها الأحاديث فيذهب العمر وما حصلوا فهم شيء.
فإذا بلغوا سناً طبوا جواز فتوى أو قراءة جزء من القرآن فعادوا القهقرى.
لأنهم يحفظون بعد كبر السن فلا يحصل مقصودهم فالحفظ في الصبا للمهم من العلم أصل عظيم.
وقد رأينا كثيراً ممن تشاغل بالمسموعات وكتابة الأجزاء ورأى الحفظ صعباً فمال إلى الأسهل فلما احتاج إلى نفسه قعد يتحفظ على كبر فلم يحصل مقصوده.
فاليقظة لفهم ما ذكرت وانظر في الإخلاص فما ينفع شيء دونه.
تأملت أحوال الناس في حالة علو شأنهم فرأيت أكثر الخلق تبين خسارتهم حينئذ.
فمنهم من بالغ في المعاصي من الشباب ومنهم من فرط في اكتساب العلم ومنهم من أكثر من فكلهم نادم في حالة الكبر حين فوات الاستدراك لذنوب سلفت أو قوى ضعفت أو فضيلة فاتت فيمضي زمان الكبر في حسرات.
فإن كانت للشيخ إفاقة من ذنوب قد سلفت قال واأسفا على ما جنيت.
وإن لم يكن له إفاقة صار متأسفاً على فوات ما كان يلتذ به.
فأما من أنفق عصر الشباب في العلم فإنه في زمن الشيخوخة يحمد جني ما غرس ويلتذ بتصنيف ما جمع ولا يرى ما يفقد من لذات البدن شيئاً بالإضافة إلى ما يناله من لذات العلم.
هذا مع وجود لذاته في الطلب الذي كان تأمل به إدراك المطلوب.
وربما كانت تلك الأعمال أطيب مما نيل منها كما قال الشاعر: اهتز عند تمني وصلها طريا ورب أمنية أحلى من الظفر ولقد تأملت نفسي بالإضافة إلى عشيرتي الذين أنفقوا أعمارهم في اكتساب الدنيا وأنفقت زمن الصبوة والشباب في طلب العلم فرأيتني لم يفتني مما نالوه إلا ما لو حصل لي ندمت عليه.
ثم تأملت حالي فإذا عيشي في الدنيا أجود من عيشهم وجاهي بين الناس أعلى من جاههم.
وما نلته من معرفة العلم لا يقاوم.
فقلت له: أيها الجاهل تقطيع الأيدي لا وقع له عند رؤية يوسف.
وما طالت طريق أدت إلى صديق: جزى اللّه المسير إليه خيراً وإن ترك المطايا كالمزاد ولقد كنت في حلاوة طلبي العلم ألقى من الشدائد ما هو عندي أحلى من العسل لأجل ما أطلب وأرجو.
كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة فأخرج في طلب الحديث وأقعد على نهر عيسى فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء.
فكلما أكلت لقمة شربت عليها وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم.
فأثمر ذلك عندي أني عرفت بكثرة سماعي لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وأحواله وآدابه وأحوال أصحابه وتابعيهم فصرت في معرفة طريقه كابن أجود.
وأثمر ذلك عندي من المعاملة ما لا يدري بالعلم حتى أنني أذكر في زمان الصبوة ووقت الغلمة والعكلة قدرتي على أشياء كانت النفس تتوق إليها توقان العطشان إلى الماء الزلال ولم يمنعني عنها إلا ما أثمر عندي العلم من خوف الله عز وجل.
ولولا خطايا لا يخلو منها البشر لقد كنت أخاف على نفسي من العجب.
غير أنه عز وجل صانني وعلمني وأطلعني من أسرار العلم معرفته وإيثار الخلوة به حتى أنه لو حضر معي معروف وبشر لرأيتها رحمة.
ثم عاد فغمسني في التقصير والتفريط حتى رأيت أقل الناس خيراً مني.
وتارة يوقظني لقيام الليل ولذة مناجاته وتارة يحرمني ذلك مع سلامة بدني.
ولولا بشارة العلم بأن هذا نوع تهذيب وتأديب لخرجت إما إلى العجب عند العمل وإما إلى اليأس عند البطالة.
لكن رجائي في فضله قد عادل خوفي منه.
وقد يغلب الرجاء بقوة أسبابه لأني رأيت أنه قد رباني منذ كنت طفلاً فإن أبي مات وأنا لا أعقل والأم لم تلتفت إلي.
فركز في طبعي حب العلم.
وما زال يوقعني على المهم فالمهم ويحملني إلى من يحملني على الأصوب حتى قوم أمري.
وكم قد قصدني عدو فصده عني.
وإذ رأيته قد نصرني وبصرني ودافع عني ووهب لي قوى رجائي في المستقبل بما قد رأيت في الماضي.
ولقد تاب على يدي في مجالس الذكر أكثر من مائتي ألف وأسلم على يدي أكثر من مائتي نفس.
ويحق لمن تلمح هذا الإنعام أن يرجو التمام.
وربما لاحت أسباب الخوف بنظري إلى تقصيري وزللي.
ولقد جلست يوماً فرأيت حولي أكثر من عشرة آلاف ما فيهم إلا من قد رق قلبه.
أو دمعت عينه.
فقلت لنفسي: كيف بك إن نجوا وهلكت: فصحت بلسان وجدي: إلهي وسيدي إن قضيت علي بالعذاب غداً فلا تعلمهم بعذابي صيانة لكرمك لا لأجلي لئلا يقولوا عذب من دل عليه.
إلهي قد قيل لنبيك صلى الله عليه وسلم.
أقتل ابن أبي المنافق فقال: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه.
إلهي فاحفظ حسن عقائدهم في بكرمك أن تعلمهم بعذاب الدليل عليك.
حاشاك والله يا رب من تكدير الصافي.
لا تبر عوداً أنت ريّشته حاشا لباني الجود أن ينقضا لا تعطش الزرع الذي نبته بصوب إنعامك قد روضا فصل اللذة بين الواقع والخيال من الأمور التي تخفي على العاقل أن يرى أنه متى لم تكن عنده امرأة أو جارية يهواها هوى شديداً أنه لا يلتذ في الدنيا.
فإذا صور محبوباً مملوكاً تخايل لذة عظيمة.
وإذا كان عنده من لا يميل إليه اعتقد نفسه محروماً.
وهذا أمر شديد الخفاء فينبغي أن يوضح.
وهو أن المملوك مملول.
ومتى قدر الإنسان على ما يشتهيه مله ومال إلى غيره.
تارة لبيان عيوبه التي تكشفها المخالطة فإنه قد قال الحكماء.
العشق يعمي عن عيوب المحبوب.
وتارة لمكان القدرة عليه والنفس لا تزال تتطلع إلى ما لا تقدر عليه.
ثم لو قدرنا دوام المحبة مع القدرة فإنها قد تكون ولكن ناقصة بمقدار القدرة وإنما يقويها تجني المحبوب.
فيكون تجنيه كالامتناع أو امتناعه من الموافقة.
فإذا صفا فلا بد من أكدار منها الحذر عليه ومنها قلة ميله إلى هذا العاشق وربما يتكلف القرب منه ويعلم الإنسان بقلة ميل محبوبه إليه فينغص بل يبغض.
فإن خاف منه خيانة احتاج إلى حراسة فقويت النغص.
وأصلح المقامات التوسط وهو اختيار ما تميل النفس إليه ولا يرتقي إلى مقام العشق فإن العاشق في عذاب.
وإنما يتخايل الفارغ من العشق التذاذ العاشق وليس كذلك.
فإنه كما قيل: وما في الأرض أشقى من محب وإن وجد الهوى عذب المذاق تراه باكياً في كل وقت مخافة فرقة أو لاشتياق فيبكي إن نأوا شوقاً إليهم ويبكي إن دنوا خوف الفراق فتسخن عينه عند التداني وتسخن عينه عند الفراق فصل تفاوت الهمم والآمال ما ابتلي الإنسان قط بأعظم من علو همته.
فإن من علت همته يختار المعالي.
وربما لا يساعد الزمان وقد تضعف الآلة فيبقى في عذاب.
وإني أعطيت من علو الهمة طرفاً فأنابه في عذاب ولا أقول ليته لم يكن فإنه إنما يحلو العيش بقدر عم العقل والعاقل لا يختار زيادة اللذة بنقصان العقل.
ولقد رأيت أقواماً يصفون علو هممهم فإذا بها في فن واحد.
ولا يبالون بالنقص فيما هو أهم قال الرضي: فنظرت فإذا غاية أمله الإمارة.
وكان أبو مسلم الخراساني في حال شبيبته لا يكاد ينام فقيل له في ذلك فقال: ذهن صاف وهم بعيد ونفس تتوق إلى معالي الأمور مع عيش كعيش الهمج الرعاع.
قيل: فما الذي يبرد غليلك.
قال: الظفر بالملك.
قيل: فاطلبه قال: لا يطلب إلا بالأهوال.
قيل: فاركب الأهوال قال.
العقل مانع.
قيل: فما تصنع قال: سأجعل من عقلي جهلاً وأحاول به خطراً لا ينال إلا بالجهل وأدبر بالعقل ما لا يحفظ إلا به فإن الخمول أخو العدم.
فنظرت إلى حال هذا المسكين فإذا هو قد ضيع أهم المهمات وهو جانب الآخرة وانتصب في طلب الولايات.
فكم فتك وقتل حتى نال بعض مراده من لذات الدنيا.
ثم لم يتنعم في ذلك غير ثمان سنين.
ثم اغتيل ونسي تدبير العقل فقتل ومضى إلى الآخرة على أقبح حال.
وكان المتنبي يقول: وفي الناس من يرضى بميسور عيشه ومركوبه رجلاه والثوب جلده ولكن قلباً - بين جنبي - ما له مدى ينتهي بي في مراد أحدّه فتأملت هذا الآخر فإذا نهمته فيما يتعلق بالدنيا فحسب.
ونظرت إلى علو همتي فرأيتها عجباً.
وذلك أنني أروم من العلم ما أتيقن أني لا أصل إليه لأنني أحب نيل كل العلوم على اختلاف فنونها.
وأريد استقصاء كل فن هذا أمر يعجز العمر عن بعضه.
فإن عرض لي ذو همة في فن قد بلغ منتهاه رأيته ناقصاً في غيره.
فلا أعد همته تامة.
مثل المحدث فاته الفقه.
والفقيه فاته علم الحديث.
فلا أرى الرضى بنقصان من العلوم إلا حادثاً عن نقصه الهمة.
ثم إني أروم نهاية العمل بالعلم فأتوق إلى ورع بشر وزهادة معروف وهذا مع مطالعة التصانيف وإفادة الخلق ومعاشرتهم بعيد.
ثم إني أروم الغني عن الخلق وأستشرف الإفضال عليهم والاشتغال بالعلم مانع من الكسب.
وقبول المنن مما تأباه الهمة العالية.
ثم إني أتوق إلى طلب الأولاد كما أتوق إلى تحقيق التصانيف ليبقى الخلفان نائبين عني بعد التلف.
وفي طلب ذلك ما فيه من شغل القلب المحب للتفرد.
ثم إني أروم الاستمتاع بالمستحسنات وفي ذلك امتناع من جهة قلة المال ثم لو حصل فرق جمع وكذلك أطلب لبدني ما يصلحه من المطاعم والمشارب فإنه متعود للترفه واللطف وفي قلة المال مانع وكل ذلك جمع بين أضداد.
فأين أنا وما وصفته من حال من كانت غاية همته الدنيا.
وأنا لا أحب أن يخدش حصول شيء من الدنيا وجه ديني بسبب.
ولا أن يؤثر في علمي ولا في عملي.
فواقلقي من طلب قيام الليل وتحقيق الورع مع إعادة العلم وشغل القلب بالتصانيف.
وتحصيل ما يلائم البدن من المطاعم.
وواأسفي على ما يفوتني من المناجاة في الخلوة مع ملاقاة الناس وتعليمهم.
ويا كدر الورع مع طلب ما لا بد منه للعائلة.
غير أني قد استسلمت لتعذيبي ولعل تهذيبي في تعذيبي لأن علو الهمة تطلب المعالي المقربة إلى الحق عز وجل.
وربما كانت الحيرة في الطلب غليلاً إلى المقصود.
وها أنا أحفظ أنفاسي من أن يضيع منها نفس في غير فائدة.
وإن بلغ همي مراده.
.
.
وإلا فنية المؤمن أبلغ من عمله.
لما سطرت هذا الفصل المتقدم رأيت أذكار النفس بما لا بد لها في الطريق منه.
وهو أنه لا بد لها من التلطف فإن قاطع مرحلتين في مرحلة خليق بأن يقف.
فينبغي أن يقطع الطريق بألطف ممكن.
وإذا تعبت الرواحل نهض الحادي يغنيها وأخذ الراحة للجد جد وغوص السباح في طلب الدر صعود.
ودوام السير يحسر الإبل والمفازة صعبة ومن أراد أن يرى التلطف بالنفس فلينظر في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه كان يتلطف بنفسه ويمازح ويخالط النساء ويقبل ويمص اللسان ويختار المستحسنات ويستعذب له الماء ويختار الماء البارد والأوفق من المطاعم كلحم الظهر والذراع والحلوى وهذا كله رفق بالناقة في طريق السير.
فأما من جرد عليها السوط فإنه يوشك أن لا يقطع الطريق.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى واعلم أنه ينبغي للعاقل أن يغالط نفسه فيما يكشف العقل عن عواره فإن فكر المتيقظ يسبق قبل مباشرة المرأة إلى أنها اعتناق بجسد يحتوي على قذارة وقيل بلع اللقمة إلى أنها متقلبة في الريق ولو أخرجها الإنسان لفظها.
ولو فكر في قرب الموت وما يجري عليه بعده لبغض عاجل لذته فلا بد من مغالطة تجري لينتفع الإنسان بعيشه كما قال لبيد: فأكذب النفس إذا حدثتها إن صدق النفس يزري بالأمل وقال البستي: أفد طبعك المكدود بالهم راحة تجمّ وعللّه بشيء من الزح ولكن إذا أعطيته ذاك فليكن بمقدار ما يعطي الطعام من الملح وقال أبو علي بن الشبل: وإذا هممت فناج نفسك بالمنى وعداً فخيرات الجنان عدات واجعل رجاءك دون يأسك جنة حتى تزول بهمّك الأوقات واستر عن الجلساء بثك إنما جلساؤك الحسّاد والشّمات ودع التوقع للحوادث إنه للحي - من قبل الممات - ممات فالهم ليس له ثبات مثل ما في أهله ما للسرور ثبات وقال أيضاً: يحفظ الجسم تبقى النفس فيه بقاء النار تحفظ بالوعاء فباليأس الممض فلا تمتها ولا تمدد لها طول الرجاء وعدها في شدائدها رخاء وذكرها الشدائد في الرخاء يعد صلاحها هذا وهذا وبالتركيب منفعة الدواء وقد كان عموم السلف يخضبون الشيب لئلا يرى الإنسان منهم ما يكره وإن كان الخضاب لا يعدم النفس علمها بذلك ولكنه نوع مخادعة للنفس.
وما زالت النفوس ترى الظاهر.
وإنما الفكر والعقل مع الغائب.
ولا بد من مغالطة تجري ليتم العيش.
ولو عمل العامل بمقتضى قصر الأمل ما كتب العلم ولا صنف.
فافهم هذا الفصل مع الذي تقدمه فإن الأول في مقام العزيمة وهذا في مكان الرخصة.
ولا بد للتعب من راحة وإعانة والله عز وجل معك على قدر صدق الطلب وقوة اللجأ وخلع الحول والقوة وهو الموفق.
قوام الآدمي بشيئين الحرارة والرطوبة.
ومن شأن الحرارة أن تحلل الرطوبة وتفنيها فالآدمي محتاج إلى تحصيل خلف للمتحلل.
فأبدان النشوء تغتذي بأكثر مما يتحلل منها.
والأبدان المتناهية تغتذي بمقدار ما يتحلل منها والأبدان التي قد أخذت في الهرم يتحلل منها أكثر مما تغتذي به.
ولا تتشبع مما تغتذي به وينبغي للناشيء البالغ أن يتحفظ في النكاح لأنه بعفته يربي قاعدة قوة يجد أثرها في الكبر.
وأما المتوسط والواقف السن فينبغي أن يحذر فضول الجماع فإن حصل له مثل ما يخرج منه فأسرف فاللازم أخذ من الحاصل ويوشك أن يسرع النفاد.
وأما الشيخ فترك النكاح كاللازم له خصوصاً إذا زاد علو السن لأنه ينفق من الجوهر الذي لا يحصل مثله أبداً.
ثم ينبغي أن ينظر العاقل في ماله فيكتسب أكثر مما ينفق ليكون الفاضل مدخراً لوقت العجز: وليحذر السرف فإن العدل هو الأصلح.
ثم ينظر في الزوجة والمطلوب منها شيئان: وجود الولد وتدبير المنزل فإذا كانت مبذرة فعيب لا يحتمل فإن انضمت صفة العقر فلا وجه للإمساك.
وإن كانت مما يحتاج أن تحفظ فتركها لازم.
فأما الخدم فليجتهد في تحصيل خادم لا تستعبده الشهوة فإن عبد الشهوة له مولى غير سيده.
ولينظر المالك في طبع المملوك فمنهم من لا يأتي إلا على الإكرام فليكرمه فإنه يربح محبته ومنهم من لا يأتي إلا على الإهانة فليداره وليعرض عن الذنوب.
فإن لم يمكن عاتب بلطف وليحذر العقوبة ما أمكن وليجعل للمماليك زمن راحة.
والعجب ممن يعني بدابته وينسى مداراة جاريته وأجود المماليك الصغار وكذلك الزوجات لأنهم متعودون خلق المشتري.
وليحفظ نفسه بالهيبة من الإنحراف مع الزوجة ولا يطلعها على ماله فإنها سفيهة تطلب كثرة الإنفاق.
وأما تدبير الأولاد فحفظهم من مخالطة تفسد مستقبلهم.
ومتى كان الصبي ذا أنفة - حيياً - رجى خيره.
وليحمل على صحبة الأشراف والعلماء وليحذر من مصاحبته للجهال والسفهاء فإن الطبع لص.
وليحذر الصبي من الكذب غالة التحذير ومن المخالطة للصبيان المعوجين.
فإذا بلغ فليزوج بصبية لم تعرف غيره فينتفعان.
هذه الإشارة إلى تدبير أمور الدنيا.
فأما تدبير العلم فينبغي أن يحمل الصبي من حين يبلغ خمس سنين على التشاغل بالقرآن والفقه وسماع الحديث.
وليحصل له المحفوظات أكثر من المسموعات لأن زمان الحفظ إلى خمس عشرة سنة فإذا بلغ تشتت همته فليضرب تارة ويرشى أخرى ليبلغ وقد حصل محفوظات سنية.
وأول ما ينبغي أن يكلف حفظ القرآن متقناً فإنه يثبت ويختلط باللحم والدم ثم مقدمة من النحو يعرف بها اللحن ثم الفقه مذهباً وخلافاً وما أمكن بعد هذا من العلوم فحفظه حسن.
وليحذر من عادات أصحاب الحديث فإنهم يفنون الزمان في سماع الأجزاء التي تتكرر فيها الأحاديث فيذهب العمر وما حصلوا فهم شيء.
فإذا بلغوا سناً طبوا جواز فتوى أو قراءة جزء من القرآن فعادوا القهقرى.
لأنهم يحفظون بعد كبر السن فلا يحصل مقصودهم فالحفظ في الصبا للمهم من العلم أصل عظيم.
وقد رأينا كثيراً ممن تشاغل بالمسموعات وكتابة الأجزاء ورأى الحفظ صعباً فمال إلى الأسهل فلما احتاج إلى نفسه قعد يتحفظ على كبر فلم يحصل مقصوده.
فاليقظة لفهم ما ذكرت وانظر في الإخلاص فما ينفع شيء دونه.
LAKHAL19- عضو فعال
- عدد مشآرڪآتي: : 117
عًٍـمـًرٌٍيَے• : 42
جْــنــسِےْ• :
بَــــلـــَـدِے• : ALGERIE
ESS
نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 198
تاريخ التسجيل : 30/09/2009
رد: من قصص الحياة
لا تعلييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييي ييييييييييييييييييييق (روعه)
مواضيع مماثلة
» مهما واجهتك الحياة بمصاعب فتذكر ان الحياة كالكتاب ماعليك فعله هو قلب الصفحات وبداء صفحة جديدة....................................................................
» الحياة الزوجية(مفهوم الحياة الزوجية)
» حكم من الحياة
» عشت الحياة
» أجمل شي من الحياة
» الحياة الزوجية(مفهوم الحياة الزوجية)
» حكم من الحياة
» عشت الحياة
» أجمل شي من الحياة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى