الصحافة والدولة..
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الصحافة والدولة..
المصطفى مرادا الصحافة والدولة.. من حيث المبدأ، منع الصحافة ومصادرة أعدادها ومحاكمة الكتاب ومديري التحرير هي أساليب مدانة، مهما كان الغطاء القانوني الذي يسندها، لأنها تعكس نزوعا معلنا، من طرف جهات نافذة في الدولة، إلى احتكار المعلومة وتوجيه التعاطي معها، ومن ثم التملص من واجب حماية حق المواطن في المعرفة والتعبير عن رأيه بعيدا عن كل إكراه. وهذا المبدأ يعتبر من بديهيات المجتمع الحديث الذي نسعى اليوم، ملكا وشعبا، إلى إرساء قيمه وسلوكاته، فأمام الاندحار الكلي للفاعل الحكلي والجمعوي والنقابي، فإن حماية حق الفاعل الصحفي هي احترام للرأي العام الوطني. لكن هذا المبدأ، على بداهته وأهميته في دولة الحق والقانون، يتطلب من المناضل الحقوقي والفاعل السياسي والكاتب الصحفي مرونة ضرورية في إدراك حيثيات القضايا وتمييز تفاصيلها قبل الحكم بجور الدولة وانحياز القضاء، إلى غير ذلك من التعابير التي تنتعش هذه الأيام، فردود الأفعال الانقسامية، التي تستلب بعض الأقلام الصحفية خاصة -أي أنا وأخي ضد ابن عمي، وأنا وابن عمي ضد الغريب- ليست دوما منسجمة مع المبدأ سابق الذكر، فما طفا على السطح، على هامش «قضية الكاريكاتور» وقبلها «قضية صحة الملك»، أظهر أن الخطر الأكبر على الصحافة سيأتي، بلا شك، من الصحافة ذاتها أو ممن ينصبون أنفسهم حقوقيين دون حتى إلمام بالقضية التي يدافعون عنها، وهم كثر.. وما يهمنا في هذا السياق هو ردود الأفعال التي صدرت عن بعض الأقلام الصحفية، والتي أظهرت كم نحن بعيدون عن القيم المدنية في النقاش والحوار، مثلا، إذ بمجرد أن أبدى الرأي العام المغربي رفضه لإقحام الحياة الخاصة للعائلة الملكية في تعليقات صحفية عابرة والعبث بشكل لا مسؤول برموز الأمة، انبرى البعض لتلقيننا دروسا في سيمياء الكاريكاتور، متهما الجميع بالجهل بلغة الصورة، والبعض الآخر سارع إلى إظهار كيف أن الخيل والليل والبيداء تعرفه في مجال حقوق الإنسان، متهما المتعاطفين مع الأمير إسماعيل بمحاباة العائلة الملكية، وكأن التحرر والروح النضالية.. كذا، هي أن تعلن موقفا رافضا لكل ما يمت إلى الملكية بصلة..، وآخرون اختبؤوا وراء أسمائهم المستعارة على صفحات الأنترنيت، وتفرغوا لكيل الشتائم والنبز بالألقاب لرشيد نيني وغيره، لمجرد أنه أبدى رأيه في قضية يصنفها أصحابها أنفسهم على أنها قضية حق في التعبير عن الرأي.. ما يؤسف عليه في كل هذا هو أن الطريقة التي ندير بها الأزمات والنقاش حول هذه الأزمات تُظهر، بالملموس، أننا لازلنا تلامذة الصف الأول في السلوك المدني، لأن واقع الحال يظهر كيف أن أتفه أزمة قادرة على كشف ضيق صدورنا وإقصائية خلفياتنا، بل ووقاحة لغتنا..، فتخوين الآخر ومحاكمة نواياه وتلفيق الأحداث واختراع الإشاعات عنه أضحت، للأسف، طريقتنا الجديدة في التواصل، تنضاف إلى كل هذا قدرتـُنا غير المسبوقة على البكاء الاضطهادي الجماعي.. وبكل صدق، يمكن أن نقول إن ما يجري من أخذ ورد بين الصحافة والدولة، وما يحدث من جلبة في المشهد الصحفي بين الصحفيين أنفسهم، هو أمر طبيعي جدا بالنسبة إلى أمة بدأت تستأنس ببعض أدبيات الحداثة، حكاية أمة تتلمس طريقها بصعوبة ومشقة نحو ترسيخ الثقافة والسلوك المدنيين، والتاريخ يشهد كم هو صعب ومرير... وطويل هذا الطريق، ولم يحدث قط أن انتقلت أمة من ظلام الرأي الأحادي والهمجية إلى نور الاختلاف والمدنية ومن حالة الخوف والقهر إلى حالة الحق والأمن بكبسة زر، لذلك حري بنا أن نتوجس خيفة من ردود الأفعال غير المسؤولة وغير المتمدنة التي يقترفها البعض دفاعا عن حق التعبير؛ فبغض النظر عن نوايا أصحابها وخلفياتهم، نراهم يركبون موجة الانفعال ويستصدرون أحكاما ومواقف لا علاقة لها بالتعبئة من أجل التضامن مع هذه الجريدة أو تلك، وحري بنا أيضا توظيف هذه الأزمة الجديدة، التي نتجت عقب هذه الأزمة الجديدة. وليعلم الذين يعتقدون أن التعاقد مع الدولة انهزام ورضوخ وعمالة، إلى غير ذلك من مفرقعات الأزمنة البائدة، ليعلموا أن التعاقد هو شريعة المتمدنين، فعندما يكون الخوف متبادلا بين طرفين، فإن الفرق بين الشعوب المتمدنة وغيرها من الشعوب الأخرى هو أن الخوف المتبادل يكون بداية المجتمع المدني بالنسبة إلى الأولى، وبداية مجتمع الغاب بالنسبة إلى الثانية. ولنا أن نختار بين أن نرسخ جميعا قيم المجتمع المتمدن، بعيدا عن نظرية المؤامرة وبارانويا الاضطهاد، وبين أن نكون طرفا في مجتمع غابوي الهوية والرسم، حيث الذئاب تتكالب والثعالب تمكر والأسود تبطش دون رحمة، فيما الرأي العام قطيع أُريدَ له أن يبقى جمعا سديميا بدون رأي.. فالتسوية والتعاقد والتوافق والمشاركة والاعتراف المتبادل، وغيرها من القيم المدنية، هي عبارة عن روابط إن خلقت بين الصحافة والدولة فهي لا تعني إلغاء التعارض والتناقض والصراع، بل ترقى بأساليب حلها ووسائله إلى مستوى سياسي، أي إلى مستوى مدني؛ والسياسة والمدنية صنوان، مثلما الحرب والهمجية صنوان.. تلك هي القاعدة الذهبية للتعايش والاختلاف والتسامح كما أرسى قواعدها عصر الأنوار.. إنه فصل آخر من فصول أمة بدأت للتو تتهجى قيم السلوك المدني، بعد عقود من الصمت وإعادة إنتاج الرأي الواحد؛ فالانفراج السياسي والحقوقي، الذي تم على الورق منذ عقد، بدأت تظهر ثمراته الآن وسنحتاج إلى أزمنة أخرى إن توفرت الإرادة الخيرة لتعم نعمه وفضائله كل المجالات وكل الأرجاء..، ومن الطبيعي لمن هم في مرحلة التهجية وعسر التعلم أن يعتري تهجيتهم لحن في اللغة وأخطاء في التعبير، حتى وإن كان إصرارهم على التعلم كبيرا.. |
" عبير الورد "- مراقب عام
- عدد مشآرڪآتي: : 486
عًٍـمـًرٌٍيَے• : 33
جْــنــسِےْ• :
بَــــلـــَـدِے• : الجزائر
نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 564
تاريخ التسجيل : 04/02/2010
رد: الصحافة والدولة..
انا اتمنى ان اكون صحفية لكن ليس كل متتمناه يتحقق
djawhara- المدير العام
- عدد مشآرڪآتي: : 13
عًٍـمـًرٌٍيَے• : 30
جْــنــسِےْ• :
بَــــلـــَـدِے• : الجزائر
نْـقٌٍـآطُْـيَـے• : 27
تاريخ التسجيل : 24/12/2011
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى