جراحة التجميل والشباب الدائم: رغبة مشروعة أم حب للظهور؟

بيونس إيرس : ثمة اتجاه عالمي جديد يسعى لأن تكون جميع تقاطيع وملامح الوجه متناسقة، وبدأ الناس يطبقون نفس الاتجاه على بقية أجزاء الجسم فهم يريدون أن تكون لهم شفتان ممتلئتان وأنف مثالي وصدر مكتنز وشعر غزير وأن يتخلصوا من التجاعيد.
وبفضل جراحة التجميل والعلاجات المقاومة للشيخوخة أصبحت هذه المقاييس الجمالية رائجة في أماكن مختلفة من العالم حيث يحاول البشر أن يوقفوا عجلة الزمن والاحتفاظ بشبابهم.
وهنا يدور تساؤل يقول : هل هذا الاتجاه هو مجرد تعبير عن السعي نحو تحقيق الجمال الذي صاحب الإنسان عبر التاريخ أم أن هذا الاتجاه قد اتخذ خطوة إضافية ليصبح نوعا من التسلط الفكري أو الهوس أو ربما نوعا من المرض يغذيه التقدم العلمي والطبي المستمر ؟.
وحتى سنوات قليلة مضت كان ينظر إلى جراحة التجميل والعلاج الطبي باعتبارهما وسيلة لتصحيح الآثار التي يتركها مرور الزمن على جسم الإنسان، أما الآن فقد تحولا إلى وسيلة يسهل استخدامها وإن كان ذلك لا يتم دائما بشكل متعقل أو يخضع لضوابط وفقا لقسم أبوقراط الذي يؤديه الأطباء عند تخرجهم.
ويقرر الأطباء والصناعة التي تساند هذا التخصص الطبي الحدود والقواعد التي تنظم استخدام تلك الوسيلة.
وتلقي الدكتورة مارسيلا كاربيسيوس مديرة قسم العلاج الطبي المقاوم للشيخوخة وجراحة التجميل وأدوية الجمال بأحد المراكز الطبية بالعاصمة الأرجنتينية بيونس إيرس الضوء على مجريات الأمور في هذا المجال الآخذ في النمو فتقول إن طالبي هذا النوع من العلاج كانوا في السابق يأتون بصور انتزعوها من المجلات ويطلبون تحويلهم إلى نفس الشكل البادي في الصور، ولكنها كانت تطلب منهم إحضار صور فوتوغرافية خاصة بهم تصورهم في أفضل حالاتهم لتكون نموذجا صالحا لهم.
وتضيف إنه عندما يطلب شخص ما إجراء جراحة له ليبدو على شكل شخص آخر فإن هذه الجراحة قد لا تنجح ويتعرض هذا الشخص لحالة من الاكتئاب بعد إجراء العملية تكون أسوأ من الحالة التي كان عليها قبل إجراء الجراحة.
ويبدو أن الحدود الأخلاقية لإجراء هذه الجراحات التجميلية تقع بين أيدي الطبيب وحده، كما تقع عليه مسئولية اتخاذ القرار بإجراء الجراحة لكلون له قصده للاستشارة، ويصبح على الطبيب أن يقرر ما إذا كان عليه أن يقبل إجراء جراحة لفتاة مراهقة تبلغ من العمر 16 عاما تطلب تكبير حجم الثدي وذلك دون انتظار لاستكمال دورة نموها الهرموني والجسدي، وتم إثارة فضيحة في الأرجنتين نتيجة موجة من الولع التجميلي حيث كانت مراقص الديسكو تعرض جوائز بإجراء جراحات تجميل لتكبير الثدي في إطار مسابقات اليانصيب التي تستهدف المراهقات.
وتأتي الولايات المتحدة على رأس قائمة الدول التي يتم فيها إجراء أكبر عدد من جراحات التجميل، وبعد ذلك تأتي على التوالي المكسيك والأرجنتين وأسبانيا، وتأتي هذه العمليات الجراحية استجابة للطلب الكبير عليها الناتج عن الرغبة المتزايدة لدى الناس في الظهور بشكل أكثر جمالا وشبابا ورشاقة.
وتوضح الدكتورة كاربيسيوس أن معظم الرجال يأتون لتلقي العلاج لأنهم لا يريدون أن يفقدوا فحولتهم، وعندما يحتاجون إلى تناول الفياجرا فإنهم يأتون للمراكز الطبية لمعرفة ماذا يمكنهم عمله حتى لا يأخذوا الفياجرا، كما أنهم يأتون عندما تظهر عليهم علامات تقدم العمر لطلب علاج يبرز صفاتهم الرجولية الأخرى.
وتضيف أن العكس يحدث مع السيدات فهن لا يأتين للعلاج من أجل تجديد الأنوثة وإنما لكي يبدون بشكل جميل محبب على قدر الإمكان حتى يصبحن قادرات على الخروج والمنافسة.
وتشير كاربيسيوس إلى أن هناك نموذجا مثاليا واحدا للجمال بالنسبة للنساء اليوم، وتوضح أن هذا النموذج يتمثل في المرأة المثالية التي تتمتع بشفتين لهما مقياس جيد ولا تعاني من أية تجاعيد وأن يكون لها بشرة ناصعة وكتلة كثة من الشعر ولا تعاني من البقع الجلدية أو من مؤخرة مرتخية كما أن ثدييها يكونان في المكان المفروض أن يكونا فيه.
ويكون العلاج بمادة البوتكس أكثر أنواع العلاج رواجا بالإضافة إلى جراحات تجميل الأنف والجفون والشفاه وتكبير الثدي.
وتتاح مختلف جراحات التجميل وكذلك العلاج بالأدوية لتحقيق الجمال في دول أمريكا اللاتينية وهي جزء مما يعرف باسم " السياحة العلاجية".